لا شك أن الحملة الواسعة الرامية لتطهير أرض اليمن الشقيق من براثن الإرهاب تأتي في الوقت المناسب، فبينما يواجه الجيش اليمني وقوات التحالف مليشيات «الحوثيين» وصالح، ينبغي أن توازي تلك الجهود أيضاً حملات للقضاء على «القاعدة»، مفرخة التنظيمات الإرهابية، التي سعت بمختلف السبل للحيلولة دون وصول اليمن إلى حال الاستقرار، حتى يكون الحاضنة الرئيسة لإرهابيي التنظيم بعد فشلهم وسقوطهم في عدة مواقع أخرى من العالم، وكذلك لبروز بؤر أخرى طلعت فيها تنظيمات مغايرة ومنافسة لـ«القاعدة» في الإرهاب، وقد عملت على بسط نفوذها بصورة أكثر وأكبر مثل «داعش» في العراق وسوريا، وغيره من التنظيمات الإرهابية الدموية الأخرى التي ترجع في أصولها وفصولها إلى تنظيم «القاعدة» بيت الداء ورأس كل بلاء. وقوات التحالف عملت في الوقت المناسب على تطهير المناطق اليمنية التي توجد فيها «القاعدة» من إرهاب ذلك التنظيم وشرّه المستطير، ففي الوقت الذي يتم فيه تحرير مناطق من قبضة «الحوثيين» تسعى «القاعدة» للتحرك والتغلغل فيها، لبسط نفوذها واستغلال ذلك لمصلحتها، وهذا ما دفع كثيراً من المراقبين لملاحظة وجود نوع من توزيع الأدوار والتنسيق الوثيق بين «القاعدة» و«الحوثيين» في اليمن، ولذلك كانت جهود الجيش اليمني وقوات التحالف موجهة لتخليص اليمن من إرهاب الحوثيين والقاعدة معاً. وفي ظل كل هذه الجهود الحثيثة في محاربة الإرهاب تبدو النتائج السريعة التي تسجلها قوات التحالف في قضائها على إرهابيي «القاعدة» في اليمن أمراً طبيعياً وجديراً بكل تقدير، ففي عهد نظام المخلوع صالح لم يحاربهم بشكل جدي، فكان يتحرك ضدهم مرة، ويتركهم مرة ثانية، ويعقد معهم المؤامرات والتفاهمات من تحت الطاولة في مرات ثالثة أخرى، حيث كان يستخدم وجودهم بشكل دعائي، ويترك لهم ساحات ومساحات للوجود لابتزاز العالم بوجود خطرهم، حيث امتدت سمسرة ذلك النظام وحلفائه «الحوثيين» حتى إلى بيع سراب محاربة الإرهاب للعالم الخارجي، مع أن «القاعدة» و«الحوثيين» وغيرهما من جماعات العنف لم يجدوا موطئ قدم في اليمن إلا في عهد ذلك النظام المخلوع. أما الآن فالوضع مختلف تماماً لأن دول التحالف تحارب «القاعدة» بكل جدية، بالتعاون مع الأجهزة العسكرية والأمنية اليمنية، وفي ظل دعم وتلاحم شعبي كبير. والاستراتيجية التي وضعتها قوات التحالف والجيش اليمني لمجابهة المليشيات «الحوثية» و«القاعدة» جاءت بشكل مدروس ومتقن، بحيث عملت على إزاحة خطر «الحوثيين» ومنعهم من تهريب الأسلحة الإيرانية التي استخدموها للفتك بالشعب اليمني والسيطرة على مقدراته وفرض الإملاءات وولاءات الوكالة عليه. ولكن كل ذلك المكر السيئ حاق بأهله من المرتزقة «الحوثيين» وأعوانهم المعلنين كأنصار المخلوع وغير المعلنين مثل «القاعدة». وقد أفشلت مؤامراتهم ضرباتُ التحالف، ضربات الأخوة الحق وقوة الإرادة والصدق. وقد انخرطت قوات التحالف منذ البداية في العمل الجاد والفعال للقضاء على «القاعدة» وخطرها ومنعها من الانتشار. والهدف طويل الأمد الذي يسعى إليه الجيش اليمني وقوات التحالف على الأرض هو التطهير الشامل للمناطق بشكل كامل، وتثبيت دعائم الأمن، وإيجاد أجهزة أمن متماسكة، وتثبيت دعائم الاستقرار السياسي والنماء الاقتصادي بالشكل الصحيح. ولذلك جرى التحرك دون تردد نحو استعادة كل المناطق التي كانت بيد «القاعدة»، وهي خطوة تقوض مشروع جَعْل الحوثيين وكيلاً محلياً لمحاربة الإرهاب في حين أنهم هم أول ممارسي الإرهاب والمتواطئين فيه. ولذا فلا بد من تعزيز الثقة في أجهزة السلطة الشرعية وحدها، ودعم قدرتها على مكافحة الإرهاب. وبطبيعة الحال فلم يكن للحكومة الشرعية ولا التحالف الداعم لها أن يسمحا بسقوط مدن بيد «القاعدة» بعد الجهود التي بُذلت لاستعادتها من قبضة «الحوثيين»، وبالتالي فإن معركة تطهير المناطق اليمنية من «القاعدة» تعد ضرورة لبسط نفوذ الدولة عبر خطة انتشار فعال لتحقيق الاستقرار المستدام. والحرب على «القاعدة» تأتي لمنع أي تدخلات عسكرية من خارج التحالف بدعوى ضرورات الحرب على الإرهاب، وبالتالي قطع الطريق أمام «الحوثيين» الذين كانوا يقدمون أنفسهم، زوراً وبهتاناً، كشركاء في محاربة الإرهاب! فلن تتمكن ميليشيات «الحوثي»، بعد الآن، من التسويق لنفسها بمزاعم محاربة «القاعدة» في ظل النتائج الملموسة التي حققها الجيش اليمني وقوات التحالف في القضاء على «القاعدة» واقتلاع جذورها من اليمن بشكل دائم وحاسم.