تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً على تحقيق أعلى مستويات الأمن الغذائي، بصفته مكوناً جوهرياً ضمن مكوِّنات الأمن المجتمعي والقومي، وواحداً من المتطلبات الأساسية لضمان استقرار الاقتصاد الوطني بشكل عام، لاسيما مع تزايد خطورة مشكلة الأمن الغذائي يوماً تلو الآخر، في ظل تناقص الكميات المتوافرة من المنتجات والمحاصيل الرئيسة في الأسواق، مع استمرار النمو السكاني في العالم، ما يرفع معدلات الطلب، ويضاعف الضغوط على المعروض العالمي، ويؤدي إلى زيادات مستمرة في أسعار المواد الغذائية، ويفاقم حدَّتها مع مجموعة من العوامل الأخرى المتشابكة. ولا تألو القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- جهداً في محاولة التغلُّب على مشكلات الأمن الغذائي. وفي سعيها إلى تحقيق مستوى مطمئن من الأمن الغذائي الوطني، تشهد استثمارات الدولة في الثروة السمكية نمواً متزايداً بصفتها واحدة من الثروات الوطنيَّة التي تعزز الأمن الغذائي، حيث يعول على الأسماك في القيام بدور مهم في إمداد الشعوب بالبروتين الحيواني، فضلاً عن كونها شريكاً أساسياً في الناتج المحلي الإجمالي، ومورداً مالياً لميزانيات الحكومات، إلى جانب كونها تشكل دخلاً للمواطنين العاملين في مهنة الصيد. وفي إطار جهود الدولة، أكد المستشار علي المنصوري، رئيس الاتحاد التعاوني لجمعيات صيادي الأسماك، رئيس جمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك، في حوار سابق له مع جريدة «الاتحاد»، وجود رقابة على أسواق الجمعية من الأجهزة المتخصِّصة بالدولة، وأضاف: «نتطلَّع إلى أن يكون لنا دور في تأمين الأمن الغذائي، وتوفير احتياجات المستهلك بأسعار معقولة، وتوفير احتياجات المواطنين والمقيمين في الدولة، نظراً إلى ارتفاع أسعار الأسماك بشكل كبير جداً، وذلك لأن العرض قليل، والطلب كثير، فضلاً عن أن نسبة الكثافة السكانية في الإمارات تشهد ارتفاعاً كبيراً، ومن ثمَّ يجب أن تكون لنا رؤية تتماشى مع السياسة الحكيمة لدولة الإمارات». وقد ركزت سياسة الدولة الاقتصادية، منذ قيام الاتحاد، على الاهتمام بالثروة السمكية ودعم الصيادين، وبما أن الثروة السمكية مورد حيويٌّ بالنسبة إلى الدولة، فإن حمايتها وتنميتها واجب وطني لضمان استدامتها للأجيال القادمة، ومن أجل ذلك وضعت الدولة خططاً لزيادة الكميات التي تطلقها يرقات الأسماك سنوياً في المحميات البحرية، ودعم المخزون السمكي، إلى جانب التوسُّع في إنتاج سلالات جديدة من الأسماك سريعة النمو وعالية الجودة، لضمان تحقيق الأمن الغذائي، إضافة إلى العمل على دعم إقامة محميات بحرية، وتنظيم الدورات التدريبية للصيادين، وزيادة التعاون مع الجهات الرقابية، وتأسيس جمعيات تعاونية للصيادين تساعد على حل مشكلاتهم وضمان مصالحهم، وإيجاد نظم لتسويق الأسماك، والعمل على تطوير البحوث والدراسات التي تُعنى بحماية الثروة السمكية والحفاظ على البيئة البحرية من التلوث. وقد وضعت وزارة التغيُّر المناخي والبيئة، خلال عام 2016، خطة لاستزراع 50% من الأسماك المستهلَكة محلياً، بهدف سدِّ الفجوة الغذائية الناجمة عن الزيادة المستمرة في أعداد السكان‏، وزيادة معدلات التصدير‏، ومن ثم تخفيض معدل الاستيراد، وتوفير احتياجات السوق المحلية. وتحتاج الثروة السمكية إلى عدد من الإجراءات لتعزيز دورها والنهوض بها، ولعل أهمها اتباع طرق جديدة في التكنولوجيا الحيوية لإنتاج سلالات من الأسماك العالية الإنتاج، وتوفير فائض للتصدير إلى الخارج، مع ضرورة الحفاظ على المسطحات المائية، وتكثيف الحملات الأمنية لشرطة المسطحات المائية لتوفير البعد الأمني لحماية الصيادين، ومنع تحويل المزارع السمكية إلى أراضٍ زراعية، وكذلك التشجيع على الصيد، وتنمية الثروة السمكية، من خلال تأهيل الكوادر البشرية العاملة في هذا المجال، وتوفير بنية تحتية متطوِّرة تشجع المستثمرين على ضخِّ الاستثمارات لتحقيق النمو الواعد للقطاع. ـ ـ ـ ــ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.