يبدو جون هانتسمان، في الظاهر، اختياراً آمناً للرئيس دونالد ترامب ليحتل منصب نائب وزير الخارجية. وهانتسمان هو حاكم سابق لولاية يوتاه يحظى بشعبية جيدة. وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد اختاره ليكون سفيراً في الصين. وفي عهد من الاستقطاب الحزبي الشديد، ذاعت سمعة هانتسمان باعتباره سياسياً من الوسط ويتمتع بدعم الحزبين. ولذا فمن المعقول ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأسبوع الماضي، أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون يفكر في هانتسمان ليكون نائبه. وهذا معقول على الأقل في بداية الأمر. ولكن هانتسمان ربما لن يجتاز اختبار الولاء لدى ترامب. فمن الجدير بالذكر أن هانتسمان طالب ترامب بأن ينسحب من السباق حين ظهر تسجيل صوتي في أكتوبر الماضي يتفوه فيه بكلمات بذيئة ومسيئة للنساء. ولهذا أهميته، إذا اعتبرنا بمصير إليوت أبرامز، المسؤول السابق في إدارة ريجان وبوش، الذي حظى برضا تيلرسون في المقابلة النهائية، ولكن ترامب اعترض عليه. فمن المعروف أن أبرامز قد انتقد ترامب أثناء الحملة الانتخابية. ثم هناك أيضاً قضية النشاط الاقتصادي لأسرة هانتسمان. وشركة هانتسمان للصناعات الكيماوية تمارس نشاطها الاقتصادي على امتداد العالم. وترامب أقام حملته الانتخابية على وعد بإعادة فرص العمل إلى البلاد من خلال رجوع الأنشطة الاقتصادية من الخارج. ووعد أيضاً بفرض ضريبة تبلغ 35 في المئة على الشركات الأميركية التي تنقل وظائفها إلى الخارج. وشركة هانتسمان نقلت وظائف كثيرة إلى بلدان مثل الهند والصين. وما يزيد على 1000 من موظفيها البالغ عددهم 12 ألفاً في عام 2011 كانوا في الصين وفقاً لتقرير «بلومبيرج بيزينيسويك». وهذا مجال آخر محتمل يُتوقع أن يتصادم فيه هانتسمان وترامب. فالرئيس خصم عنيد للصين، وقد اتهم العملاق الآسيوي بسرقة الوظائف الأميركية والتلاعب بعملته على حساب بلدان أخرى. بينما لهانتسمان تاريخ طويل في محاولة تعزيز العلاقات مع بكين، ودعم علاقات التجارة الاعتيادية والمستدامة مع الصين. وقد شهدت شركات الكيماويات تصاعداً في أنشطتها في الصين في السنوات القليلة الماضية. وأبلت شركة هانتسمان بصفة خاصة بلاء حسناً حين كان هانتسمان يعمل سفيراً لأوباما في بكين. وذكر تقرير لـ«بلومبيرج بيزينيسويك» أيضاً، أن عائدات شركة هانتسمان زادت بنسبة 57% في هذه الفترة بين عامي 2009 و2010. وإذا اختير هانتسمان ليكون نائباً لوزير الخارجية فسيضطر إلى تفكيك علاقاته مع النشاط الاقتصادي لأسرته. وكان قد عاد إلى مجلس إدارة الشركة بعد مسعاه الرئاسي الذي باء بالفشل في عام 2012. واستقال من منصبه في مجلس الإدارة في أغسطس عام ،2015 ولكن والده هانتسمان الأب ما زال رئيس الشركة، وشقيقه بيتر هو كبير المديرين التنفيذيين. وما زالت أسرة هانتسمان تمتلك 20% من أسهم الشركة، ويمتلك جون هانتسمان حصة فيها. وبموجب القواعد الأخلاقية لإدارة ترامب، يتعين على هانتسمان على أقل تقدير أن ينأى بنفسه عن أي عمل اقتصادي رسمي يمس شركة هانتسمان بعد عامين من استقالته من مجلس الإدارة. وبالتالي قد يتطلب المزيد مما يدل على الابتعاد عن الشركة. ويعتقد نورم إيسين، الذي عمل مستشاراً خاصاً لأوباما للأخلاقيات والإصلاح الحكومي، أن هانتسمان سيكون «شخصاً بارزاً» للقيام بدور نائب وزير الخارجية. ولكنه يتوقع أن يضطر هانتسمان لإحداث قطيعة واضحة مع نشاط أسرته الاقتصادي. وصرح «إيسين»، وهو زميل في معهد بروكينجز الآن، أنه قد يضطر إلى أن «يقوم بنفس القطيعة الواضحة التي قام بها تيلرسون والتي رفض دونالد ترامب القيام بها... وهذا يعني ثلاثة أمور: إما البيع أو الابتعاد أو التنازل. ولا أعتقد أن التنازل من بين الاختيارات المتاحة على الأرجح. فهو إما أن يضطر إلى الابتعاد أو البيع أو الجمع بين الاثنين». وإذا أخذنا في الاعتبار تعيينات ترامب الأخرى التي شابتها صراعات مشابهة في المصالح، فإن صراع المصالح لن يعرقل ترشيح هانتسمان على الأرجح. ولكن ما زال يتعين علينا الانتظار حتى نرى ما إذا كان ترامب مستعداً لأن يسمح لأحد منتقديه السابقين، وأحد أنصار تعزيز العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بأن يحتل منصباً بارزاً في إدارته. ------------------ إيلي ليك* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»