كُلِّلت جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في محاربة الفكر المتطرِّف بنجاح كبير على المستويَين الإقليمي والعالمي، ما جعلها نموذجاً رائداً في أعين العديد من الدول الرامية إلى وضع منظومة فكرية-عسكرية-أمنية متكاملة لمواجهة خطر الإرهاب والخطاب المتطرِّف، كما مكَّنها من أن تكون أفضل شريك استراتيجي لمواجهة الإرهاب العالمي، ومحاربة الفكر المتشدد، فضلاً عن تمكنها من تقديم نموذج إيجابي للدولة التي تدافع عن الإسلام بوجهه المعتدل، بعيداً عن التزييف، أو التمييع، أو التفسير المتشدِّد الذي ينبذ الآخر، ذلك ما أشار إليه توبياس إلوود، وزير المملكة المتحدة لشؤون الشرق الأوسط، خلال زيارته الأخيرة لأبوظبي، حيث أشاد بالدور الذي تلعبه دولة الإمارات في استقرار المنطقة، وجهودها الكبيرة في ترسيخ صورة الإسلام المعتدل. الوزير البريطاني رأى أن ما تتميَّز به دولة الإمارات من اعتدال وتسامح ديني مبرِّر كافٍ للتعاون معها في مختلف المجالات، بل إن ذلك جعلها تحظى بصفة الشريك القويِّ الذي يتشارك مع بريطانيا في العديد من المجالات، وهو ما تجسَّد في اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة، الذي احتضنته أبوظبي مؤخراً، وسيتم احتضانه خلال اجتماع اللجنة البريطانية-الإماراتية المشتركة المقرَّر انعقاده في سبتمبر المقبل. الدور الإماراتي في مواجهة الفكر المتطرِّف عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودحض التفسيرات المتشدِّدة، التي تعتمدها تلك الجماعات لاستقطاب المزيد من العناصر، جعل بريطانيا تتخذ من الإمارات نموذجاً فريداً للحكومات التي استطاعت أن تتبنَّى استراتيجية فعَّالة للحفاظ على الاعتدال، والتصدي للتفسيرات المنحرفة للإسلام، ولهذا قال الوزير البريطاني توبياس إلوود: «نحن نبحث مع الإمارات والولايات المتحدة الأميركية إزالة الرسائل المسيئة إلى الإسلام في الإنترنت». الصورة المعتدلة لدولة الإمارات بصفتها بلداً مسلماً معتدلاً لم تسهم في توسيع دائرة علاقاتها السياسية فقط، وإنما أسهمت كذلك في توسيع دائرة تعاونها الاقتصادي، وذلك تأكيداً للعلاقة المتداخلة بين الجوانب التنموية وفكر الاعتدال، ولعل ذلك ما دفع وزير الشرق الأوسط البريطاني إلى القول «نحن الآن قادرون على تنويع أوجه جديدة للتعاون في مجالات الدفاع والأمن والهيدروكربون والغاز، علاوة على المجالات التجارية المختلفة، لذا فإن الاجتماعات كانت شاملة مع المسؤولين الإماراتيين، وإنني سعيد لاستطاعتنا العمل على تقوية العلاقات بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة»، مشيراً إلى حجم الحضور البريطاني في مجال الاستثمار داخل الإمارات، حيث يملك نحو 5000 رجل أعمال بريطاني استثمارات مختلفة في السوق الإماراتي، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 13 مليار جنيه استرليني (60 مليار درهم إماراتي)، لتكون بذلك دولة الإمارات رابع أكبر الشركاء التجاريين للمملكة المتحدة في العالم. وتتبنَّى دولة الإمارات العربية المتحدة منهجاً فكرياً ودينياً راسخاً ينطلق من الخلفية الثقافية والدينية المعتدلة لشعبها، ما شكل بالنسبة إليها صمام أمان في وجه موجة الفكر المتطرِّف الذي تغلغل في العديد من المجتمعات خلال السنوات الأخيرة، كما أن طبيعة تعامل قيادة دولة الإمارات مع تحدي الإرهاب والفكر المتطرف مكَّنتها من مواجهته بفاعلية، فاستخدمت مختلف منصات التواصل الحديثة لمواجهة التفسيرات المتشدِّدة، التي تسعى الجماعات الإرهابية إلى تسريبها، وهكذا نوَّعت دولة الإمارات ما بين مختلف الوسائل والآليات لمواجهة التشدد، فاعتمدت كل المقاربات الحديثة لمواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود، كما ظلت دولة الإمارات سبَّاقة إلى الاحتفاء بأصحاب الفكر الديني المستنير، فمهدت لهم الطريق لتمرير خطاباتهم المعتدلة، واحتضنت المناسبات التي تخدم الإسلام والمسلمين وتبرز القيم الإسلامية الصحيحة، وستواصل دعم رموز الاعتدال والوسطيَّة من العلماء الساهرين على خدمة الإسلام الصحيح، فضلاً عن احتضانها كل المناسبات الدينية التي تؤسس لمبادئ الاعتدال والوسطية الدينية، وتمكِّن رجال العلم من إيصال رسالتهم لنشر مبادئ الدين الإسلامي الوسطي بكل ما تحمله من قيم التسامح. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية