يروق للرئيس دونالد ترامب التأكيد على تمسكه بوعود حملته الانتخابية. ولكنه يتنصل من الوعد الرئيسي الذي قدمه لأكثر أنصاره تحمساً وهو سعيه لدعم الطبقة العاملة، لأنه يدعم الأغنياء في واقع الحال. ولن تُنفذ مشروعات البنية التحتية الكبيرة التي وعد بها ترامب في أي وقت قريب. ولن تتوافر أموال للإنفاق على خطة للبنية التحتية تكلف تريليون دولار، والإنفاق على البناء المطلوب ولكن المكلف للجيش بسبب خفض الضرائب بشكل كبير عن الأغنياء. ويرى أحد المعلقين أن «التحفيز المالي الذي وعد به الرئيس لن يطبق أو ينفذ في أي وقت قريب. وإذا حدث بحال من الأحوال فإن أقرب وقت سيبدأ الاقتصاد يشعر فيه بتأثير تحفيز ترامب سيكون في السنة المالية الاتحادية 2018. ويرجع هذا في جانب منه إلى الوقت الذي يستغرقه الكونجرس... والجدل بين الجمهوريين في الكونجرس الآن متعدد الجوانب ومحتدم وفوضوي إلى درجة أن التأخير قد يجعل من الصعب بكثير على مجلسي النواب والشيوخ أن يتعاملا مع كل من قانون الرعاية الصحية الميسورة وإصلاح الضرائب». ثم هناك أيضاً خطة الضرائب التي أشار «إدوارد لوس» المعلق الاقتصادي في «فاينانشيال تايمز» إلى أنها تبدو كخطة تتحمل فيها الطبقة الوسطى عبء الضرائب. ويرى «لوس» أنه بموجب الخطة فإن «الضرائب على الواردات سترتفع تريليون دولار في العقد المقبل وتمول خفضاً أكبر في الضرائب. ولا عجب أنه لم يتضرر من الأسهم منذ تنصيب ترامب رئيساً إلا أسهم الشركات الكبيرة للبيع بالتجزئة مثل وول مارت التي ستتضرر أكبر الضرر بنسبة 20 في المئة من الضرائب على الواردات. وزبائن هذه الشركات هم عادة الأميركيون المنسيون الذين ستتزايد بشدة تكلفة احتياجاتهم من مواد البقالة. وهؤلاء لا يهمهم كثيراً ما إذا كان ترامب سيسعى إلى خفض كبير أو متوسط للضرائب. والحسابات البسيطة تؤكد أن المكاسب ستذهب بشكل غير متناسب إلى نسبة الواحد في المئة في القمة، أي الأثرياء». وهناك أيضاً «ستيفن مور» الذي يقدم النصح أحياناً لترامب، وهو يعتقد أن تعديل الضرائب على الواردات يمثل إشكالية، مشيراً إلى أنها «ستفرض في واقع الحال ضرائب على الواردات الأميركية بينما تعفي الصادرات التي تم إنتاجها في أميركا من حسابات الضريبة على الدخل. وهذا تغير كبير في كيفية فرض الولايات المتحدة الضرائب على أنشطتها الاقتصادية. والاقتصاديون المرموقون منقسمون بشأن ما إذا كانت لهذا جدوى اقتصادية. وهذه ليست طريقة جيدة لبناء إجماع على خطة للضرائب». وبالنسبة لبرنامج أوباماكير، فالعمل السياسي يبدو مرهقاً، ولكن الناتج النهائي لن يكون تقريباً ما وعد به ترامب. ويرى خبير الرعاية الصحية المحافظ «أفيك روي» أن «المسودة تحل رصيد ضرائب غير مستند على فحص مصادر الدخل محل رصيد الضرائب المستند على فحص مصادر الدخل في برنامج أوباماكير. وهذا هو العيب الرئيسي في خطة مجلس النواب، لأن هذا يعني أن ملايين الناس الأضعف، أي القريبين من خط الفقر والذين هم في حالة صحية هشة، لن يحصلوا على رصيد ضر ائب كافٍ يمكنهم من الحصول على التغطية الصحية التي يحتاجونها». ومضى هذا الخبير يقول إن «رصيد ضرائب بقيمة 3000 دولار يكفي لمساعدة شخص معافىً نسبياً من الطبقة الوسطى لشراء تغطية صحية. ولكن إذا كانت حالة الإنسان الصحية ضعيفة وبالتالي فأقساط التأمين عليه مرتفعة فلن يكون هذا المبلغ كافياً، ما لم تجبر شركات التأمين على تقاضي السعر نفسه من الأصحاء والمرضى على حد سواء. وإذا كان دخل الإنسان قريباً من خط الفقر، أي نحو 10 آلاف دولار في العام، فلن يستطيع العثور على خطة رعاية صحية مقابل ثلاثة آلاف دولار. وعلى الأرجح سيصبح بلا تغطية صحية». وبالنسبة لحسابات التوفير للصحة، فإن الأشخاص الذين لا يستطيعون توفير شيء من دخلهم لن يحصلوا على شيء طبعاً. وسياسة الإدارة الجديدة في البنية التحتية والضرائب والرعاية الصحية تمعن بشعبوية ترامب بلا تبصر في أفكار الجناح اليميني المتطرف التي لا تقدم الكثير لناخبي الطبقة العاملة. وحتى أفكار ترامب التي تبدو شعبوية أكثر مثل الحمائية التجارية لا تساعد هي أيضاً أفراد الطبقة العاملة، لأن هؤلاء سينتهي بهم الحال إلى دفع أموال أكثر كمستهلكين مقابل مردودات اقتصادية مشكوك فيها. وإذا أخذنا في الاعتبار خطط ترامب في الضرائب والإنفاق والرعاية الصحية فإننا لا نقترب بحال من الأحول من تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء. إنها قائمة أولويات مؤيدة لأصحاب الأعمال والأغنياء. ولن يستفيد أشد أنصار ترامب ولاءً كثيراً من هذا، بل سيواجهون خطراً حقيقياً يتمثل في أن تأمينهم الصحي سيكون أقل قيمة وأسوأ. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»