شهدت العاصمة أبوظبي، الأسبوع الماضي، إعلان تأسيس تحالف لمكافحة الجرائم المنظمة العابرة للقارات وجرائم التطرف، ليكون بمنزلة مجموعة عمل دولية، لمواجهة هذه الأنواع من الجرائم التي يتنامى خطرها بشكل منذر، ويضم كلاً من: إيطاليا وإسبانيا والسنغال ومملكة البحرين والمملكة المغربية، إضافة إلى الدولتين المؤسستين للتحالف وهما: دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية، ويتخذ التحالف من أبوظبي مقراً لأمانته العامة. ومما لا شك فيه أن هذا التحالف يتمتع بأهمية قصوى، كما أن ميلاده جاء في الوقت المناسب بالنظر إلى ما يشهده العالم خلال المرحلة الحالية من انتشار واسع للجريمة المنظمة والعابرة للقارات، الأمر الذي يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذا التحدي، الذي يفرز المزيد من التداعيات السلبية التي من شأنها أن تهدد أمن واستقرار الدول والمجتمعات، وفي هذا الإطار، فإن التحالف يهدف إلى دعم العمل المشترك بين الدول المشاركة فيه، لمواجهة الجريمة المنظمة والعابرة للقارات بمختلف أشكالها، وتطوير سبل الوقاية منها، واستدامة الأمن والاستقرار لتلك الدول، وتعزيز فرص التعاون بينها في المجالات الشرطية والأمنية، والاستفادة من التجارب الخاصة بها وتبادل الخبرات والمعلومات، بغية الإسهام في تحقيق السلم العالمي. وما يميز هذا التحالف عن غيره من التحالفات الأخرى أنه يضم دولاً لديها فهم مشترك حول إنشاء تحالف أمني عالمي، بين بلدان لديها تحديات متشابهة، وتعقد النية الصادقة، والعزم الأكيد على مواجهة المخاطر التي يمكن أن تترتب على الجريمة المنظمة والعابرة للقارات، والتي تهدد بشكل متزايد الأمن والسلم العالميين. بالإضافة إلى ذلك، يعد التحالف بمنزلة منتدى لتبادل الخبرات والمعارف، ونشر أفضل الممارسات المستخدمة، في مواجهة التحديات الناجمة عن الجريمة المنظمة والعابرة للقارات، بالإضافة إلى أنه يركز على تعزيز أمن وسلامة الدول الأعضاء، من خلال توحيد المفاهيم الأمنية والتنسيق المشترك للاستفادة من الخبرات المتبادلة في مجال الأمن ومكافحة الجرائم، فضلاً عن تبادل الآراء والمشورة حول مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتدابير الوقاية منها. ويؤكد انطلاق التحالف من أبوظبي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية بقوة لمواجهة الجريمة، بجميع أشكالها، على مختلف الصعد المحلية والإقليمية والدولية، وذلك إيماناً من قيادتها الرشيدة بأن الأمن مسؤولية عالمية مشتركة، وهو ما أكده الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، حين أشار سموه إلى أن «التحديات الأمنية الجديدة باتت تحتاج إلى المزيد من التعاون الدولي، والاستعداد الكافي لجميع التحديات، والانتقال بالعمل الشرطي والأمني من حالة ردّة الفعل إلى استباق الفعل، وردّه إلى نحر أصحابه من قوى الشر والجريمة». كما يؤكد تأسيس التحالف واتخاذ أمانته العامة من أبوظبي مقراً، أن دولة الإمارات العربية المتحدة ماضية وبقوة، لتكون في موقع التفوق الدائم على قوى الجريمة والإرهاب، مهما بلغ مداها، وستبذل كل ما في وسعها لترسيخ أركان هذا التحالف وتوسيعه، بغية الوصول إلى الغايات العظيمة التي قام من أجلها، ولتحقيق الأهداف الوطنية لكل عضو من أعضاء هذا التحالف. وينبغي التأكيد أن إنشاء تحالف مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للقارات وجرائم التطرف، قد جاء إدراكاً من الدول المشاركة فيه بأهمية العمل الجماعي ضد المخاطر الأمنية والتهديدات الشرطية، وإيماناً منها بأن التعامل مع مثل تلك التحديات هو مسؤولية مشتركة بينها تتطلب تعاوناً كبيراً وتحملاً تاماً للمسؤولية، واقتناعاً بضرورة الحاجة إلى العمل الجماعي لمواجهة المخاطر المتنامية بشكل فعال، على مختلف الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، وبأهمية تكثيف الجهود لمواجهة هذه الجرائم التي باتت تمثل تحدياً حقيقياً يحتاج إلى تضافر مختلف الجهود من أجل مواجهته والتغلب عليه. ـ ـ ــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.