ما زلت أتساءل كيف سيتسنى لإدارة ترامب أن تبقى لفترة ولاية كاملة؟ فريق البيت الأبيض تحت رئاسة ترامب، يبدو وكأنه في حرب مع نفسه. وشعبيته تتراجع بسرعة، وأجندته السياسية تعثرت. ومن ناحية أخرى، فإنني أجد صعوبة في معرفة كيف سينتهي الحال بهذه الإدارة. والكثير من المؤسسات التي يمكنها الإطاحة برئيس مثير للجدل لم تعد موجودة. ولم يعد هناك الكثير من الحكماء الذين يتحلون بالأخلاق في الكونجرس مثل «هوارد بيكر» و«سام إيرفين» لقيادة عملية الضغط على الرئيس. وليس هناك مؤسسة إعلامية واحدة تشكل الكيفية التي ترى بها البلاد الرئيس. هذه لم تعد دولة يواجه فيها الجميع نفس الواقع. كل شيء عن ترامب الذي يرعب 65% من أميركا يعززه مع نسبة الـ35% المتبقية، وبإمكانه السيطرة على هذه المجموعة لبعض الوقت. حتى بعد هذه الأسابيع الأربعة الرهيبة، لم يعد «الجمهوريون» في كابيتول هيل (الكونجرس) قريبين من التخلي عن رجلهم. وهناك احتمال: أن يكون لدينا إدارة انهارت أخلاقياً وسياسياً، دون أن ترحل. فلماذا يبدو الأمر كذلك؟ أولاً، هذا يعني وجود إدارة سلبية، ومليئة بالصخب والغضب لكنها لا تدل على أي شيء. ولإنجاز أي شيء، هناك رئيس يعتمد على الآلية الواسعة للحكومة الأميركية، بيد أن ترامب لا يتناغم مع هذه الآلية. إنه يستند إلى شخصيته، بينما تستند هذه الآلية إلى قواعد. وعلاوة على ذلك، فقد أعلن الحرب عليها. وعندما تعلن الحرب على مؤسسة، فإنها تعلن الحرب عليك. والخدمة المدنية لديها ألف طريقة لتجاهل أو مراقبة أي أمر رئاسي. أما نظام المحاكم فقد منح نفسه تفويضاً لإلغاء أي مبادرة لترامب، حتى وإن فعل ذلك استناداً على أضعف الأسس القانونية. ومجتمع الاستخبارات بدأ لتوه فقط في تحدي الرئيس. بإمكان ترامب أن يضغط جميع الأزرار في قيادة المركبة، لكنه لا يتوقع حدوث أي شيء في الواقع، لأنها ليست متصلة. ثانياً، من المحتمل أن تصبح هذه إدارة أكثر انعزالية. عادة، عندما تتعثر الإدارات، تقوم بفصل بعض الأشخاص وتجلب ناضجين - من نوع جيمس بيكر أو ديفيد جيرجن. بيد أن ترامب مناهض للناضجين، وبدلاً من ذلك، فإن دائرة الثقة تبدو وكأنها تتقلص لتقتصر على ابنته وزوجها «ستيفان بانون». و«بانون» لديه وجهة نظر عالمية متماسكة، وهي ميزة كبيرة عندما يكون كل شيء يعج في الفوضى. ومن المثير للاهتمام أن كل منافسي «بانون» قد تم الغدر بهم، حيث رحل «مايكل فلين» و«رينس بريبوس» تلاحقه آلاف من تسريبات البيت الأبيض. أما «ريكس تيلرسون»، فلديه القدرة على أن يكون وزيراً فعالاً للخارجية، لكن «بانون» حيده الأسبوع الماضي بعد أن حرمه من اختيار نائبه الخاص. ومع كل يوم يمر، يتحدث ترامب أكثر مثل «بانون». ثالثاً، إننا على وشك أن ندخل في عالم لا مركزي. طوال الـ70 عاماً الماضية، كانت معظم الدول تنظر بشكل غريزي للولايات المتحدة من أجل القيادة، إما أن تتبعها أو تعارضها. ولكن في عواصم العالم، تقوم وكالات الاستخبارات بصياغة مذكرات تقدم المشورة بشأن كيفية التعامل مع دونالد ترامب. والاستنتاج الأول واضح. هذه الإدارة تشبه ملكية في القرون الوسطى أكثر منها دولة حديثة. إنها تذكرنا بـ «جنون الملك جورج». والعملة الرئيسية هي القوة، إنها التملق. والنتيجة الطبيعية هي أن ترامب أصبح مثالياً للعب به. أعط طفلًا مصاصة ولن يلاحظ أنك تسرق طعامه. لقد أعطى اليابانيون ترامب إعلان وظائف جديدة يمكن أن يأخذه إلى الغرب الأوسط، ومقابل ذلك حصلوا على الاهتمام الرئاسي والتدليل، الذي تقاتل الحكومات الأخرى من أجله. فإذا أردت أن تحصل على اهتمام إدارة ترامب، عليك بالوقوف في الصف. لقد حصل الإسرائيليون على حل الدولة الواحدة الممكن. وجعل الصينيون ترامب يغير موقفه بشأن سياسة «الصين الواحدة». وجعله الأوروبيون يغير موقفه تماماً بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وقد ولد فلاديمير بوتين في لحظة كهذه. فهو دائماً يتجاوز الحدود. فبعد أن أهدى فريق ترامب مساعدة صغيرة في الحملة الانتخابية، تحولت وسائل الإعلام الروسية الرسمية فجأة على ترامب وأصبحت الطائرات الروسية تزعج السفن الأميركية. وسينتزع الدب ما يستطيع الحصول عليه. إننا على وشك الدخول في لحظة تكون فيها قدرة الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية قوية، ولكن قدرتها السياسية ستكون ضعيفة. هذا أمر مخيف. *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»