مثلت «المسرِّعات الحكومية» لدى إطلاقها -منذ فترة ليست بالبعيدة- إحدى المبادرات الحكومية الأكثر ابتكاراً، ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، ولكن على مستوى المنطقة والعالم أيضاً، وذلك نظراً لما تنطوي عليه من جوانب غير تقليديَّة، وانفتاحها على الأفكار المتطوِّرة والأكثر إبداعاً، هذا إلى جانب كونها مبادرة حكومية، ما يُعَدُّ مؤشراً إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الإماراتية لقضايا الإبداع والابتكار، ووعيها التام بأن العمل التنموي لا يستقيم من دون الاستفادة من الإبداع والابتكار كأداتين وقناتين رئيسيَّتين للتطور والتقدُّم يوماً بعد آخر، وصولاً إلى إدراك الأهداف المرجوُّة. وقد أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال تبنِّيها مبادرة «المسرِّعات الحكومية»، صحة نظرتها، وكفاءة نهجها التنموي وجودته، وبدا ذلك واضحاً من خلال ما أعلنته الحكومة، مؤخراً، من أن فريق «المسرِّعات الحكومية»، المكوَّن من وزارة الاقتصاد، وصندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وبرنامج «تكامل»، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وعدد من الجهات الحكومية والخاصة الأخرى، حقَّق المستهدَف حتى الآن من مبادرة المسرِّعات الحكومية، عبر تسجيلها زيادة في عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع، بمعدل يمثل سبعة أضعاف المعدلات المسجَّلة في السنة الماضية، وذلك في مدة لا تتجاوز سبعين يوماً فقط، منذ إطلاق مبادرة «المسرِّعات الحكومية»، وبواقع 27 طلباً تقدَّم بها مخترعون ينتمون إلى جامعات ومؤسسات خاصة، وآخرون مستقلون. ويمثل هذا المؤشر معياراً جيداً لنجاعة الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في طريقها نحو التنمية الشاملة والمستدامة، وتركيزها الكبير على بناء الاقتصاد الوطني القائم على المعرفة، ودفع هذا الاقتصاد قُدُماً على طريق التحول إلى المستقبل، وإلى عصر ما بعد النفط، من أجل أن تكون القطاعات غير النفطية عموماً، والقطاعات ذات المكوِّن المعرفي الكبير، القائمة على الابتكار والإبداع، والتي ترتفع فيها نسبة المكوِّن المعرفي في ناتجها، هي صاحبة الدور الأكبر في تحفيز النمو الاقتصادي الكمِّي، وتعزيز أسس التنمية الشاملة وترسيخها في الدولة. وفيما يتعلَّق بمبادرة «المسرِّعات الحكومية» في حدِّ ذاتها، فإن الارتفاع الكبير في عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع على النحو المذكور، هو دليل على أن فكرة المسرِّعات هي فكرة سديدة وجديرة بالاهتمام، كما أن الآليات التي تتبنَّاها الدولة من أجل تطبيق هذه الفكرة فعَّالة، وعلى درجة عالية من الكفاءة، بالشكل الذي يمكِّن المبادرة من تحقيق أهدافها المرجوَّة، كما أن ذلك الارتفاع في عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع يمثل، من زاوية أخرى، مؤشراً إلى أن الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة، المشارِكة في المبادرة، تقوم بدورها بشكل سليم، ولديها الحرص على إنجاح، ليس هذه المبادرة فقط، ولكن جميع المبادرات الوطنية التي تتبناها الدولة، ما يصب في نهاية المطاف في مصلحة كل من يعيشون على أرض الوطن، ويعملون فيه، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات. وفي دليل على العزم والرغبة في الاستمرار في العمل من أجل استكمال مبادرة المسرِّعات الحكومية حتى تتحقق أهدافها كاملة، فقد وقَّعت وزارة الاقتصاد، مؤخراً، اتفاقية مع الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ممثلة في صندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، تمول بموجبها الهيئة تسجيل 200 براءة اختراع في المجالات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما وقَّعت مذكرة تفاهم مع دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي بشأن دعم صندوق برنامج «تكامل» التابع للدائرة، حيث تقوم الوزارة بدعم الصندوق من أجل زيادة عدد براءات الاختراع التي يمولها من 60 براءة سنوياً حالياً إلى 200 براءة مستقبلاً، وبشكل عام تمثل هذه الخطوات إحدى أهم آليات ضمان استدامة التنمية وأدواتها في الدولة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية