حملة «فضائح» في فرنسا.. ونبرة جديدة في أميركا لوفيغارو نشرت صحيفة لوفيغارو تقريراً مطولاً عن استمرار تفاقم المأزق الذي تواجهه حملة مرشح اليمين للرئاسة فرانسوا فيُّون، مبرزة في هذا الصدد ما واجهه خلال الأسبوع المنقضي من ضغوط متواصلة في صفوف منتخبي أسرته السياسية والحزبية من أجل التفكير في الانسحاب من السباق الرئاسي، في مقابل استمرار إصراره هو على المضي قدماً في الحملة الانتخابية حتى تحقيق النصر والدخول إلى قصر الأليزيه في النهاية على رغم محاولات الاستهداف والتشويه، بحسب رأيه. ومنذ تفجر ما بات يعرف بفضيحة «بينلوب غيت»، التي اتهمت فيها زوجة فيون وأبناؤه بتقاضي أكثر من 900 ألف يورو عن وظائف وهمية، وبطرق تكسُّب غير واضحة، ظلت حملة مرشح حزب «الجمهوريين» من عثرة إلى أخرى حتى الآن، وخاصة بعدما فتحت نيابة الأموال العامة الوطنية تحقيقاً في هذه المزاعم والاتهامات. وخلال هذا الأسبوع ذهب فيون بعيداً إلى جزيرة «رينيون» لأخذ مسافة أمان من الضغوط الإعلامية، ولإقناع الناخبين هناك أيضاً ببراءته من الاتهامات «الملفقة» ضده. وطيلة الأسابيع الثلاثة الماضية ظل مرشح اليمين ينفي بشدة كل ما نسب إليه، ولكن دون قدرة حقيقية على إقناع الفرنسييين بجدية أو مصداقية دفوعه، وخاصة أن القضاء ما زال لم يصدر ما يدعم ادعاءات فيون، بالقدر نفسه الذي لم يؤكد فيه أيضاً صحة مزاعم خصومه، وإن كان مجرد فتح تحقيق في القضية اعتبر سبب اتهام كافياً لمصداقية حملته الانتخابية نفسها، وخاصة أنه هو نفسه مَن عرف عنه انتقاد رئيسه السابق -ومنافسه على الترشيح- ساركوزي لجهة وجود شبهات واتهامات فساد تحوم حوله، وقد ردد مراراً وتكراراً أن فرنسا لا يمكن أن يترشح لرئاستها من لم يكن واقعاً فوق الشبهات، ولا ترقى إلى نزاهة ونظافة يده أدنى شكوك! والجديد ضمن الضغوط من داخل حزب «الجمهوريين» على فيون للانسحاب، أو اتخاذ خطوة ملائمة لإنقاذ حملته، أن عدداً غير قليل من منتخبي الحزب وجهوا إليه خلال هذا الأسبوع رسالة مفتوحة يطلبون منه اتخاذ القرار الملائم لإنقاذ صورة حملة اليمين، وبعد لقاءات سياسية عاصفة أقنعهم بضرورة الاستمرار في الحملة، وخاصة أنه هو نفسه كان قد تعهد من قبل بالانسحاب إذا امتدت الاتهامات إليه شخصياً، كما طلب من محازبيه أيضاً إعطاءه مهلة أسبوعين لتفنيد الاتهامات، وهي مهلة انتهت وما زالت الشبهات تظلل الحملة الانتخابية اليمينية إلى اليوم. بل إن فيون سحب، دون الإعلان عن ذلك، وعده بالانسحاب متى امتدت إليه الاتهامات بصفة شخصية، وذلك لأن آخر تصريحاته باتت تتردد فيها كلمة واحدة فقط هي المضي في المعركة حتى النصر، ولا شيء آخر غير ذلك. يذكر أن الاتهامات المنظورة أمام القضاء المالي أثرت بشكل مدمر على موقف فيون في استطلاعات الرأي، حيث بات متأخراً عن منافسته زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، على رغم الاتهامات المالية التي تطاردها هي أيضاً من قبل البرلمان الأوروبي، وكذلك تقدم على فيون أيضاً المرشح الشاب المستقل إيمانويل ماكرون. وفي استطلاع رأي نشرته صحيفة لوفيغارو نفسها مقترناً مع تغطيتها هذه لأزمة حملة فيون، سألت جمهور القراء الفرنسيين: «هل تعتقدون أن فرانسوا فيون سيفوز بالرئاسة»؟ فأجاب لحظة كتابة هذه القراءة 133109 من القراء الفرنسيين، قالت نسبة 56% منهم إنه لن يفوز، في حين قالت نسبة 44% فقط إنه سيفوز، وهذا التراجع الشديد في نسبة من يعتقدون إمكانية فوز المرشح، الذي كانت تعتبر طريقه إلى الأليزيه سالكة، يوضح حجم الضرر الجسيم، وربما غير القابل للإصلاح، الذي لحق بحملته، في النهاية. ليبراسيون .. على أن المرشحة الرئاسية التي تتصدر استطلاعات الرأي مارين لوبن، رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف، تواجه هي أيضاً مصاعب حقيقية في حملتها الانتخابية، على خلفية استمرار السجال بشأن اتهامات البرلمان الأوروبي لها بتمكين مديرة مكتبها في باريس وأخت زوجها السابق من تقاضي مرتبات من البرلمان الأوروبي بصفة غير مشروعة، حيث سجلتها كمساعدة برلمانية لها في بروكسل، التي لم تزاول فيها أي عمل، وقد أكد البرلمان الأوروبي أن لوبن قد فشلت في تقديم أي دليل على عمل تقوم به هذه «المساعدة» لصالحها في بروكسل، ولذا طالبها برد قرابة 300 ألف يورو، وقد رفضت ذلك بقوة! وبعد انقضاء المهلة الممنوحة لها لم يبق سوى أن يخصم البرلمان الأوروبي تلك المبالغ شهرياً من التعويضات المخصصة للوبن. ولعل الجديد في هذه الفضيحة، تقول ليبراسيون، هو دفاع لوبن أمام المحققين المعنيين بمكافحة الفساد في الاتحاد الأوروبي عن تسجيلها أيضاً حارسها الشخصي «تييري ليجييه» لتقاضي مرتب بصفة غير مشروعة باعتباره «مساعداً برلمانياً» لها أيضاً، وذلك بدعوى الحاجة إلى تسوية حالته وإعطائها صفة شرعية. ولكن بحسب نظام البرلمان الأوروبي فإن أي «مساعد برلماني» ينبغي أن يؤدي عمله في أحد الأماكن الثلاثة التي ينشط فيها البرلمان وهي بروكسل، وستراسبوغ، ولوكسمبورغ، وليس في أي مكان آخر غير ذلك. وهذا ما لا ينطبق على أماكن عمل الحارس الشخصي، كما لا ينبطق أيضاً على «كاترين غريسيه» مديرة مكتب لوبن، المتهمة بتقاضي ثلث مليون يورو، مع أنها مقيمة بضواحي باريس، وتنشط كموظفة في الحزب فيها، وليس في البرلمان الأوروبي. ولذا فقد اتهم تقرير المحققين الأوروبيين مارين لوبن بأنها قد تكون ضالعة فعلاً في ممارسات إساءة استخدام نفوذ، وتبديد أموال أوروبية، والحصول عليها لمساعديها بصورة غير شرعية. وكل هذا يتوقع أن يزيد من مصاعب حملة لوبن خلال الأسابيع المقبلة. لوموند نشرت صحيفة لوموند افتتاحية بعنوان: «دونالد ترامب أو الغموض الكبير في الشرق الأوسط»، قالت في مستهلها إن الرئيس الأميركي الجديد قوض يوم الأربعاء الماضي أسس أحد ثوابت الدبلوماسية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، ألا وهو دعم والتعلق بحل الدولتين كمخرج من هذا الصراع المزمن. ومع هذا اعتبرت الصحيفة أنه يلزم انتظار أشهر عديدة لتشكيل تصور عن الاتجاه العام الذي ستؤدي إليه التصريحات الجوفاء وأحياناً المتناقضة التي أطلقها ترامب ونتنياهو في مؤتمرهما الصحفي المشترك هذا الأسبوع. ولكن ترامب أعطى انطباعاً عاماً خلال استقباله لنتياهو في البيت الأبيض، يوم الأربعاء الماضي، بأن مقاربته الدبلوماسية للصراع في الشرق الأوسط مختلفة تماماً عن مقاربة سلفه في المنصب أوباما. كما أن النبرة الجديدة التي أعطى بها الانطباع بعدم أساسية حل الدولتين، ولدت شعوراً عاماً واسعاً بتراجع عن الموقف الأميركي الثابت الذي يرى ضرورة قيام دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، كشرط لأية تسوية نهائية للصراع. ومن شأن هذا التحول في الموقف الأميركي إن استمر أن يدعم موقف اليمين الاستيطاني في إسرائيل الداعي للحيلولة دون قيام أية دولة فلسطينية، ووضع اليد على كل أراضي الضفة الغربية وتوسيع أعمال الاستيطان فيها، لجعل قيام الدولة الفلسطينية أمراً متعذراً جغرافياً بحكم الأمر الواقع. وإن كان ترامب هنا قد سجل طلباً غير مريح واحداً من نتنياهو هو الدعوة إلى الحد من أعمال الاستيطان، هذا في حين كان أوباما يمضي أبعد من ذلك بالمطالبة بتفكيك المستوطنات القائمة بالفعل. ومع استمرار تغول الاستيطان، دون خوف من ضغط أو عقوبة، يواصل اليمين الإسرائيلي تجاهل ضغوط الأطراف الدولية الأخرى، بل يسعى لانتزاع اعتراف بضم مرتفعات الجولان المحتلة. إعداد: حسن ولد المختار