تضع القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المواطن في قمة أولوياتها، وتحرص على توفير كل سبل الرفاهية والحياة الكريمة له، ومن ضمن ذلك توفير فرص العمل المناسبة التي تحقق للمواطن المستوى الراقي للمعيشة الذي ينشده، وتجعله عنصراً فاعلاً وإيجابياً في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة المتجسدة في «رؤية الإمارات 2021»، تأكيداً لقناعتها الدائمة بأن المواطن هو هدف التنمية وأداتها الرئيسة، وذلك عن طريق توفير الوظائف الملائمة للمواطنين والعمل على رفع نسبة التوطين في جهات العمل الحكومية والخاصة، ولاسيما مع ارتفاع إجمالي القوى العاملة المواطنة المتوقع دخولها إلى سوق العمل في الدولة خلال السنوات المقبلة، ولذا فإن الدولة تولي أهمية خاصة لموضوع رفع نسبة المواطنين في القطاع الخاص في ظل تنامي دور هذا القطاع الذي بات مصدراً مهماً من مصادر الدخل الوطني، ومحركاً فاعلاً للأنشطة الاقتصادية في الدولة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الإحصاءات الرسمية تكشف عن عزوف بعض المواطنين عن العمل في هذا القطاع بسبب انخفاض الامتيازات الوظيفية والمادية في القطاع الخاص عن القطاع الحكومي، ولذا يحظى ملف التوطين باهتمام خاص من قبل القيادة الرشيدة للدولة، ويتجلى هذا الاهتمام في «رؤية الإمارات 2021» وأجندتها الوطنية التي تعنى بتدريب وتأهيل المواطنين وتوظيفهم في القطاع الخاص وتعزيز قدراتهم التنافسية ليكونوا الخيار الأول لهذا القطاع. وفي ضوء هذه المعطيات تستمر جهود الدولة من خلال الإجراءات المختلفة الرامية إلى تشجيع توظيف المواطنين في القطاع الخاص، وقد عقد معالي صقر غباش، وزير الموارد البشرية والتوطين مؤخراً لقاء إعلامياً مع ممثلي وسائل الإعلام المحلية حول جهود الوزارة الخاصة بسياسات وبرامج التوطين في القطاع الخاص، معلناً في الوقت ذاته حزمة سياسات تندرج ضمن إطار برنامج وطني متكامل يستهدف تدريب وتأهيل وتوظيف الباحثين عن العمل من المواطنين والمواطنات المسجلين في قاعدة بيانات الوزارة لدى القطاع الخاص بالشكل الذي يحقق الأهداف الاستراتيجية للحكومة ومؤشرات الأجندة الوطنية. وقد اتخذت وزارة الموارد البشرية والتوطين حزمة من القرارات لتفعيل التوطين في القطاع الخاص، ومنها خلق فرص عمل من خلال تفعيل المادة رقم (14) من قانون تنظيم علاقات العمل التي تعطي الحق والأولوية للمواطنين في شغل الوظائف المتوافرة في القطاع الخاص، وكذلك قرار نادي شركات التوطين لإشراك مؤسسات القطاع الخاص في تنفيذ السياسات العامة للتوطين وقرار التوطين النوعي لتوطين الوظائف القيادية والمتخصصة، إلى جانب تشكيل فرق عمل في مختلف إمارات الدولة لتوظيف الباحثين عن عمل. كما وضعت الوزارة 11 معياراً لإعطاء الباحث عن عمل الأولوية للاستفادة من خدمات التوطين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوزارة سوف تستحدث خلال المرحلة المقبلة جائزة للتوطين تحتفي بالنماذج المشرفة من أصحاب العمل والشركات التي أسهمت في تحقيق إنجازات مقدرة في مجال التوطين تستحق الإشادة والتقدير، وأيضاً لتحفيز وتشجيع الشركات الأخرى لتحذو حذوها. وكشف معالي وزير الموارد البشرية والتوطين أنه تم تعيين 27,5% من إجمالي عدد الباحثين عن العمل في الأولوية الأولى والثانية، والبالغ عددهم 2110 بواقع 566 مواطناً منهم 467 ضمن مشروع المسرعات الحكومية و99 مواطناً ضمن مشروع التوظيف السريع. كما تم تنظيم معرضين للتوظيف في القطاع المصرفي والمالي خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين. تولي دولة الإمارات العربية المتحدة قضية التوطين أهمية خاصة، وهذا ينطلق من إرادة سياسية قوية تهدف لوضع كل مواطن في العمل الذي يتوافق مع مهاراته ويمكّنه من خدمة وطنه وإفادة نفسه، من منطلق الإيمان بأن العنصر البشري هو أغلى الموارد وأهمها، ولذا فإن الدولة ماضية نحو ترسيخ هذا النهج، ومما لاشك فيه أن مثل هذه المبادرات والخطوات التي تتخذها الدولة والهادفة إلى تمكين المواطن وتعظيم مشاركته في مسيرة التنمية والتطوير في الدولة، لابدّ أن تكون بالتوازن مع مشاركة فعالة مع جميع عناصر المجتمع في الدولة، وينبغي لمؤسسات القطاع الخاص الإسهام بفاعلية في هذا المجال في إطار مسؤوليتها المجتمعية، إذ تجسد شراكتها مع الدولة في توطين المهن إدراكاً لمسؤوليتها الوطنية. ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.