جميل أن تكون الفعاليات المتوالية في الدولة على هذا النسق الكثيف والمتسارع الذي رأيناه ونراه حالياً، فهذا يمنح فرصاً طيبة لإظهار حقيقة الوضع المحلي، وما يطبعه من اهتمام جاد وعميق ومتواصل بالتطوير والابتكار على الصعد والمستويات كافة. فتنظيم القمة العالمية للحكومات، والتي أنهت فعالياتها يوم أمس في دبي، وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على حضورها، يعكس اهتماماً فعلياً بالعمل على تطوير أداء الحكومة، وعلى بناء انطباع عالمي حقيقي حول طبيعة الأهداف التي تسعى دولة الإمارات جاهدةً إلى تحقيقها على أرض الواقع. واللافت للنظر هنا هو تنوع المضامين وتعدد خلفيات المتحدثين في هذه القمة، مما يعني بالضرورة إثراءً لفكر المشاركين وسائر الحضور والمتابعين، ومن ثم فهو تكريس للاهتمام بتعدد الأطياف الفكرية وبالإفادة من تجارب الآخرين مهما كان موطنها. وربما ثمة حاجة الآن إلى قياس أثر مثل هذه القمم والاجتماعات والندوات، والتي يسهم فيها أعضاء الحكومة وأصحاب القرار، إذ من الأهمية بمكان أن تكون هناك فعالية بهذا المستوى، وربما الأهم من ذلك هو أن تنجح الأفكار والرؤى الناتجة عن فعالية بهذا القدر من الأهمية، في تغيير ولو جزءاً يسيراً من النمط السائد في أغلب الدول العربية، وإلى إزاحة الركود الفكري الذي يحاصر الكثير من الموظفين في البيروقراطيات العتيدة دون أن يدركوا حقيقة وضعهم غير المنتج. وعلى العموم فإن الندوات والدورات التدريبية وورش العمل كفيلة بتطوير الأداء ودفعه إلى الأمام في كثير من البيئات العربية التي تحتاج ذلك، خاصة أن المضامين المطروحة في القمة الحكومية ذات أبعاد متشعبة، وتقدم إجابات عن كثير من المشكلات القائمة في معظم القطاعات الحكومية والخاصة. والتوقعات المتفائلة بنتائج مثل هذه الفعاليات المهمة، تقول إنه لابد من تغير ملموس نحو الأفضل، لاسيما إذا كان فكر قادة الحكومة ينحو نحو التطوير والابتكار والتشجيع دائماً على تحسين الأداء.. ففي مثل هذه الحالة لابد أن يكون الموظف مدركاً حقيقة المطلوب منه، وذلك على المستويات الوظيفية والمهنية كافة. هذا علاوة على الرسائل المهمة التي ترسلها مثل هذه الاجتماعات والمؤتمرات المنعقدة وفق أعلى مستويات الخبرة والمهنية، والتي تحكي للعالم أن هناك دولة في هذه المنطقة تسعى سعياً جاداً وحقيقياً نحو الأفضل وباتجاه المقدمة، دون ملل أو كلل، وأنها جادة تمام الجدية في تطوير الأداء وتحسين النتائج المنوطة بمهام الحكومة وأعضائها. لذلك فإننا نتوقع هذا العام أداءً متميزاً بالمقارنة مع ما هو عليه أداء العام المنصرم. فبداية العام مع قمة بهذا المستوى وبهذه الأوراق المقدمة، تعني أن الأهداف المرسومة لابد أن تتحقق، وأن أسباباً للنجاح متاحة بسلاسة وتبحث عن موظفين يسهمون في الوصول بها إلى أرض الواقع. وليس هناك مكان بعد الآن لشماعة التبريرات، فالطريق مفتوح بانتظار الأذكياء والمثابرين والباحثين عن الأفضل.