تتعرض مملكة البحرين لاعتداءات إيرانية متواصلة عبر تصريحات المسؤولين الإيرانيين، إنْ من مؤسسة المرشد الأعلى علي خامنئي، أو من الحرس الثوري الإيراني أو مؤسسة الرئاسة، ولكن البحرين لم ترضخ أبداً لهذا الابتزاز الإيراني الرخيص. وقفت البحرين شامخةً دون سيادتها وذادت عن استقرارها ورفاه شعبها، وقد تعاظم الهجوم على البحرين من قبل إيران، ومن قبل بعض المؤسسات الدولية الحقوقية التي لا تفرق بين عميلٍ للأجنبي يكيد للدولة وينشر التخريب، وبين صاحب رأي سياسيٍ عامٍ لا يمس أمن الدولة ولا يخونها. واستمرّت البحرين وخرس الأعداء، وعلى الرغم من تزايد الضغوط آنذاك فإن البحرين اضطرت لتفعيل «درع الجزيرة» ودخلت القوات الخليجية بكل عدتها وعتادها، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية حينذاك هيلاري كلينتون تعبر عن سخطها من قرار البحرين على إحدى الفضائيات الأميركية. للأسف، عمل الرئيس الأميركي السابق كل ما أمكنه للتقرب لإيران وتخلى عن حلفاء أميركا التقليديين في المنطقة في معاكسة لمنطق التاريخ ومصالح أميركا نفسها، وكان مستعداً للتخلي عن كل شيء من أجل ذلك الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما حمّله أكبر مسؤولية عن تقتيل وتشريد الملايين من الشعب السوري، وعن الفوضى العارمة التي منحت العراق لقمة سائغة لإيران بعد الانسحاب الأميركي، ولكن البحرين تجاوزت الأزمة بدعم خليجي كامل وبقوات درع الجزيرة الباسلة. في الخامس عشر من يناير الماضي أعلنت البحرين عن إعدام ثلاثة مخربين قاموا بقتل الضابط الإماراتي طارق الشحي، بحكم قضائي مكتمل، ونتذكر كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 2014 حين علّق على الحادثة: «أن دمنا ما بيروح، وثأرنا سنأخذه»، وها قد جاء ذلك اليوم بقوة العدالة وحكم القانون وهيبة القضاء، لتثبت البحرين أنها لا تساوم على استقرارها وهيبتها وأمنها. وفي التاسع من فبراير أعلنت وزارة الداخلية البحرينية القبض على الهاربين من سجن «جو» في مطلع يناير الماضي، وهم في قاربٍ متجهٍ إلى إيران، وهو استمرار لنجاحات البحرين في التصدي للتدخلات الإيرانية وعزمٍ على القضاء على كل المخربين والعملاء وقطع يد إيران إذا لامست هيبة البحرين واستقرارها. لم تتوان دول الخليج العربي أبداً في الدفاع عن حقوقها المشروعة، وعن سيادتها على أرضها، ووقفت في كل القضايا العالقة مع إيران موقف صاحب الحق الذي لا يتنازل عنه، في قضية التدخلات غير المشروعة في البحرين وفي قضية جزر الإمارات الثلاث المحتلة، الصف واحد والمصير واحد. في ظل استعادة الولايات المتحدة الأميركية لمكانتها الدولية وتأكيدها على الوعي الواسع بالأدوار الإرهابية والتخريبية في المنطقة والعالم، فإن إيران ستجد نفسها مجدداً محاصرةً بشكلٍ أكبر، ولن تذهب محاولاتها المتكررة للاعتداء على البحرين أدراج الرياح، بل يجب عليها أن تتحمّل تبعات اعتداءاتها وتدخلاتها، وأن تعود لتهتم بشعبها ومواطنيها ومصالحها، وأن تتخلى نهائياً عن مبدأ «تصدير الثورة» بكل أشكاله وتطوراته. هذا النجاح الأمني الكبير لمملكة البحرين هو رسالة واضحة للمعتدين وللعملاء على حدٍ سواء، أن البحرين ستظل مملكةً عصيةً على التدخلات الخارجية وحاسمةً ضد العملاء والخونة، وأنها بلد لكل البحرينيين مع اختلاف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم. لم تكن البحرين يوماً من الأيام إيرانية بأي شكلٍ من الأشكال، بل كانت مملكةً عربيةً وارفة الظلال، تشهد لها مسيرتها الطويلة ضاربة الجذور في التاريخ، من «أوال» إلى «دلمون» وصولاً لدولة البحرين الحديثة. أخيراً، فإن البحرين دانة الخليج وواحة التعايش، رفضت وبكل قوةٍ أن تكون نموذجاً لتصدير الثورة الإيرانية، كما جرى في لبنان أو اليمن، أو نموذجاً للتخريب والتدمير، كما جرى في العراق وسوريا.