خرج مئات الآلاف من الإيرانيين في المسيرات التي نظمت في الذكرى الـ38 للثورة الإيرانية، ومن جديد رفعت شعارات «الموت لأميركا»، وحمل المتظاهرون دمى لترامب، بينما عزفت الشرطة العسكرية الأغاني الثورية الإيرانية، وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لأشخاص وهم يدوسون بالأقدام صورة لترامب في شارع بطهران. وعلى وقع الهتافات المناوئة للولايات المتحدة قال الرئيس الإيراني في كلمته أمام المتظاهرين: «نعيش ظروفاً خاصة في المنطقة والعالم، تسلم مبتدئون مقاليد الحكم في العالم وفي أميركا، وليعلم هؤلاء جميعاً أن الشعب الإيراني سيرد على التهديدات.. وسنقول هنا إيران عرين الأسود». عاد التوتر للعلاقات الأميركية الإيرانية بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وعادت الحرب الكلامية وحرب التصعيدات الإعلامية بين الإدارة الأميركية والحكومة الإيرانية. وكان ترامب في حملته الانتخابية قد أكد غير مرة أن الاتفاق النووي سيئ جداً، وقال في معرض رده على التجارب الصاروخية الإيرانية الأخيرة إن «إيران تلعب بالنار»، مضيفاً أن الإيرانيين لا يقدّرون كم كان سلفه باراك أوباما طيباً معهم، مؤكداً أنه لن يكون مثله، معتبراً أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لإيران، كما وصف إيران بأنها «الدولة الإرهابية الأولى» في العالم. وفي الوقت الذي تبدأ في إيران التحضيرات للانتخابات الرئاسية الثانية عشرة التي ستجري في شهر مايو المقبل، فهل تتجه العلاقات الأميركية الإيرانية للتصعيد؟ وهل تنعكس نتائج الانتخابات الأميركية على مخرجات الانتخابات الرئاسية الإيرانية؟ وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت عن فرض عقوبات جديدة على 13 فرداً و12 كياناً إيرانياً يعتقد بارتباطهم بالبرنامج الصاروخي ودعم ما تصفها بالأنشطة الإرهابية، حيث تتضمن هذه العقوبات تجميد مصالح وممتلكات هذه الكيانات وحظر التعامل معها على المواطنين الأميركيين، وتحدثت تقارير إعلامية بأن الرئيس الأميركي عازم على وضع «الحرس الثوري» الإيراني وجماعة «الإخوان المسلمين» على لائحة الإرهاب، على رغم تحذيرات أطلقها مسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية والاستخبارات، حيث أكدوا أن مثل هذا القرار سيؤثر على الحرب التي تخوضها القوات الأميركية على تنظيم «داعش» في العراق، فهناك تواصل مع المليشيات الشيعية التي تنتظم تحت قوة «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني. وأن مثل هذا التصنيف قد يؤدي إلى تعرض القوات الأميركية العاملة في العراق للخطر. وأيضاً قد يقوض جهود محاربة تنظيم «داعش». وفي حال المضي في هذا القرار سيكون الأول من نوعه الذي تلجأ إليه أميركا في تصنيف مؤسسة عسكرية رسمية في دولة أخرى على أنها منظمة «إرهابية». وقال السكرتير الصحفي في البيت الأبيض، شون سبايسر: «لا يمكن التشكيك في التزام الرئيس بالتصدي الكامل لأي تهديد نواجهه، ومنه الإرهاب الإسلامي المتطرف، الخطوة الأولى هي تحديد من العدو». وبالنظر إلى تصعيد خطاب الرئيس ترامب ضد طهران وتصاعد حدة الحرب الكلامية بين الطرفين بعد التجارب الصاروخية الإيرانية، والحديث عن إعادة فتح باب التفاوض بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وأنه يعتقد أن الاتفاق أعطى لإيران ما لا تستحق حسب الرئيس الأميركي، وبالطبع فإن التشكيك في جدوى الاتفاق وفتح باب الحديث عن إعادة التفاوض في هذه المرحلة سينعكس على وقف إجراءات بناء الثقة بين النظام الإيراني والمجتمع الدولي، والتي كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، وما زال، يعول عليها للحصول على مكاسب يقدمها للرأي العام الإيراني المشكك في الاتفاق من الأساس، والذي لم يرَ له انعكاسات مباشرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية، مما سينعكس بالتأكيد على حظوظ الرئيس روحاني في فترة رئاسية ثانية.