بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصعيد خطاباته المعادية لطهران أثناء حملته الانتخابية، وزاد من حملته هذه الأيام بعد قيام إيران بتجربة إطلاق صواريخ باليستية. وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس اعتبر إيران الدولة الأكثر رعاية للإرهاب في العالم، لذلك بدأت الولايات المتحدة تشرع في تشديد العقوبات الاقتصادية عليها، كما بعثت المدمرة الأميركية «كول» قبالة السواحل اليمنية. جاءت ردود الفعل الإيرانية حيال التهديدات الأميركية واضحة وصريحة، حيث أكدت طهران أن الصواريخ التي تختبرها دفاعية وأنها ستواصل أنشطتها الصاروخية دون تردد! لا يعرف أحد حتى الآن ما هي السياسات التي سوف تتخذها واشنطن ضد طهران، وهل ستكتفي بالحصار الاقتصادي واستمرار التحذيرات القوية ضد طهران! ما يهمنا في الخليج هو احتواء الأزمة وعدم التصعيد بين الطرفين إلى مرحلة الاصطدام والتهديد بالتعامل العسكري. نحن في الخليج نشعر بالقلق من نشوب أي قلاقل أو حروب في المنطقة، حتى وإن كانت محدودة.. ونرى أنه ليس في مصلحة طهران تحدي الرئيس الأميركي الجديد، خصوصاً وأنه يحمل أفكاراً جديدة لا تقبل من أحد التعرض للأمن القومي للولايات المتحدة أو لمصالحها في المنطقة. كما أن واشنطن في عهده بدأت تنظر جدياً في فكرة إقامة مناطق آمنة في كل من سوريا واليمن.. وهذا إن حدث سيكون مناقضاً للطموحات الإيرانية الرامية إلى التمدد في منطقة الجوار الإقليمي. بعض قادة الخليج نصحوا إيران بأن لا تتحدى الإدارة الأميركية الجديدة، فسياسة الرئيس ترامب تختلف جذرياً عن سياسة أوباما. فالرئيس الجديد لديه أفكار حول الأمن القومي الأميركي في المنطقة، وأخرى حول كيفية ملاحقة الإرهاب والإرهابيين والدول التي تمولهم وتؤويهم. وقراره بمنع رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة هو بداية جادة لمحاربة الإرهاب واقتلاع جذوره ومنع عناصره من دخول الولايات المتحدة. لكن ردود الفعل المعارضة لسياسة ترامب جاءت من داخل الولايات المتحدة ومن حكومات وشعوب الدول الديمقراطية الحية، ولم تحتج الدول الإسلامية على قرارات الرئيس الأميركي، ولم نلحظ احتجاجات في منطقتنا العربية والإسلامية ضد السياسة الأميركية، مع أن الأمر يخص هذه الدول، مما يدل على أن شعوبنا ودولنا لا تستطيع مواجهة القوة الأميركية، خصوصاً إذا كان الرئيس جاداً في تطبيق سياساته. الإنزال العسكري الأميركي في اليمن واعتقال أحد قادة «القاعدة» هناك، ينبغي أن يكون مؤشراً واضحاً لطهران على ضرورة التهدئة وعدم تحدي التوجهات الأميركية الجديدة، وأن عليها أن تفهم بأن واشنطن لن تسمح لإيران بالتغلغل في اليمن أو العراق أو سوريا. فالولايات المتحدة لديها مصالح حيوية في المنطقة، ولا أحد يتمنى رؤية مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن، خاصة أن ميزان القوة العسكرية ليس في صالح إيران. والقادة الإيرانيون لهم خبرة سياسية طويلة في التعامل مع الغرب.. ويجدر بهم أن يعلموا أنه من مصلحة إيران أن تهتم بأوضاعها الداخلية أولا، بدلاً من متاهات التدخل في دول الجوار. العالم اليوم يتغير ولا مجال للمغامرات السياسية.