الإرهاب مرض ابتُليت به الأمة العربية والإسلامية وخطر أصاب العالم أجمع، وهو فعل من أفعال الشيطان يمليها على الإرهابيين ويأمرهم بارتكاب جرائمهم البشعة ضد الأوطان والشعوب والإنسانية. ومَن درسوا حالة الإرهاب أدركوا تماماً أنه لا صلة للإرهاب بأي دين من الأديان، خصوصاً الإسلام، لأنه دين السماحة والعدل والمحبة والتعايش والتراحم والمودة بين البشر، دين يرفض العنف بكل أشكاله ويحترم إنسانية الإنسان. والإسلام سبق جميع الأديان والقوانين الوضعية في وضع التشريعات والقوانين التي تحمي المجتمعات من شرور الإرهاب بل وتحمي عقل الإنسان من كل ما يثير الفتن بين الناس ووضع له الطريق الصحيح لكي يعالج نوازع البشر التي تدفع بعضهم إلى ممارسة القتل، لذلك لم يكن غريباً أن يقف أحد أعضاء الكونغرس الأميركي ليقول بصورة واضحة إن الإسلام أعظم أديان العالم، والحط من قدره بإضافة كلمة إرهاب له هو ظلم كبير لهذا الدين العظيم لأن الإسلام دين مسالم. السؤال المهم هنا هو: لماذا يصر الغرب على ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين رغم معرفته بأن هذا الربط غير صحيح وأنه يمثل مخاطر كثيرة؟ الإجابة وجدتها في كتاب الألماني الدكتور يورجن تودينهوفر «الصورة العدائية عن الإسلام»، الذي دوّن فيه نتائج رحلاته وأسفاره في العالم الإسلامي طوال خمسين عاماً، وعشرة أعوام من ردود الأفعال الغربية الخاطئة على تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، مستخدماً في ذلك خبراته السياسية والصحفية والقضائية. يقول يورجن: «إن الغرب مثله في ذلك مثل غيره من تحالفات القوى الأخرى، لم تكن تعنيه أبداً حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط، كل ما يعنيه هو مصالحه الخاصة، لذلك فالربط بين الإسلام والإرهاب يمثل بالنسبة إليه أهمية سياسية (واستراتيجية بعيدة المدى) تكمن في أنها تقدم له مسوغاً مريحاً للحروب الهجومية التي يشنها الغرب من حين لآخر». ولتأكيد ذلك ينقل المؤلف قول المفكر الأميركي صامويل هينيجتون «لم يحتل الغربُ العالم بواسطة تفوق قيمه وإنما بواسطة تفوقه في استخدام العنف، وعادةً ما ينسى الغربيون هذه الحقيقة، أما غير الغربيين فلا ينسونها أبداً». ويعود بنا يورجن إلى تحديد الإشكالية بين الغرب والعالم الإسلامي، قائلاً إنها تكمن في القرارات الخاطئة التي اتخذها الغرب بشأن العالم الإسلامي طيلة خمسين سنة الماضية. فهذه القرارات كانت ناتجة عن جهل الغرب بأبسط الحقائق حول العالم الإسلامي، لذلك فقد عامله خلال الأعوام المئتين الأخيرة بطريقة الاستعمار والإبادة مستخدماً أسلوب التحطيم والتدمير والاحتلال. ثم يؤكد أن الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي، والذي امتد لأكثر من مئة عام سلب من المسلمين التنمية والنهوض في مرحلة حاسمة من مراحل تطور الاقتصاد العالمي وبذلك جعلهم أكثر فقراً وضعفاً. وكان يورجن واضحاً في ذلك عندما أكد أكثر من مرة أن الإرهاب أساسه الغرب، إذ وظَّفه لخدمة مصالحه الخاصة في العالم، وأعطى مثالاً على ذلك بالقول: إن 17 منظمة من المنظمات المصنفة إرهابية في أوروبا ليس لها أي علاقة بالإسلام. لكن لماذا لم تلعب هذه المنظمات الإرهابية غير المسلمة دوراً في الوعي الجماهيري في الغرب؟ يجيب المؤلف عن ذلك قائلاً: لأنها لا تمثل خطورة على المصالح الغربية الحيوية، ولا تمارس أعمال القتل ضد الغربيين! ولتأكيد ما ذهب إليه يورجن في كتابه، نشير إلى الإحصائية التي نشرتها هيئة الشرطة الأوروبية، والتي تقول: إنه مقابل 249 اعتداءً إرهابياً في دول الاتحاد الأوروبي في عام 2010، ثلاثة فقط منها كان مرتكبوها من المسلمين. كذلك صحيفة «ديللي بيست» ذكرت أن 98? من جرائم الإرهاب في أميركا و94? في غيرها من الدول، منفِّذوها ليسوا مسلمين.