حلت في الأسبوع الماضي الذكرى الـ106 لميلاد رونالد ريغان. وقد تسبب انتخاب ترامب في جعل العديد من المراقبين يتحسرون على ما يفترض أنه تأثير ريغان المتلاشي على الحزب الجمهوري حالياً. بيد أن هؤلاء يبدؤون من نفس الافتراض الخاطئ، وهو أن انتخاب ترامب يعني أن الولايات المتحدة والجمهوريين قد رفضوا إرث ريغان. والواقع أن انتخاب ترامب لا يمثل «إعادة إضفاء ملامح حقبة ريغان» على الحزب الجمهوري، إنه يمثل الجمهوريين مع آخر وأفضل أمل لإضفاء ملامح عصر ريغان على الحزب. وتتدفق هذه الحكمة الشائعة المغلوطة من فهم خاطئ لفلسفة ريغان، التي تقبل أسطورة أن ريغان كان صاحب أيديولوجية مناهضة للحكومة. ولم يكن مبدأ المحافظين الذي يتبناه ريغان نسخة أكثر جاذبية لأيديولوجية «باري جولدووتر» المناهضة للدولة. ومن اللحظة التي بدأ فيها ريغان التحدث كمحافظ في أواخر خمسينيات القرن الماضي، كان يؤيد الدور الفعال للحكومة. وكان يعتقد أن الحكومة يجب أن تهتم بأولئك الذين لا يستطيعون رعاية أنفسهم، وبناء مساكن شعبية للفقراء والتوسع في الجامعات الحكومية. وكان مبدأ المحافظين الذي يتبناه ريغان يؤيد حتى فكرة التغطية الصحية الشاملة. وكان يعارض الرعاية الصحية فقط، لأنه شعر أنها غير ضرورية، في ظل وجود مشروع قانون فيدرالي آخر هو قانون «كير -ميلز». هذا البرنامج المنسي منذ فترة طويلة كان يعطي أموالاً فيدرالية للولايات لإنشاء برامج تقوم بتسديد فواتير الرعاية الصحية للفقراء من كبار السن. وكان لديه اعتقاد راسخ، كما ذكر في 1962، أن «أي شخص في الولايات المتحدة يحتاج إلى عناية طبية ولا يستطيع أن يوفرها بنفسه يجب أن يحصل عليها». ولم يتراجع ريغان عن تأييد الإجراءات الحكومية عند الحاجة، سواء عندما كان حاكماً أو رئيساً. وحتى تأييد ريغان للهجرة كان محدوداً بسبب الاعتقاد في حماية العمال الأميركيين. لقد كان يؤيد استقبال لاجئين حقيقيين فارين من الاستبداد، لكنه كان يعارض فتح الحدود. وقد كتب لأحد المراسلين في عام 1981 أنه يحبذ وجود حصص للهجرة «لأنه لا توجد طريقة لاستقبال دون حدود». كل من هذه المواقف لديها نظير واضح في تصرفات أو تصريحات ترامب الأولى. فموقف ترامب فيما يتعلق بأن الجميع يجب أن يكون لديهم نوع من التأمين الصحي، نجد له مثيلاً في معتقدات ريغان التي عبر عنها لفترة طويلة. واعتقاد ترامب بأن بناء مزيد من البنية التحتية العامة يجب تمويله من خلال رفع ضريبة الغاز، يشبه اعتقاد ريغان، كما أن إيمانه بوضع قيود على الهجرة لحماية العمال الأميركيين يشبه أيضاً معتقدات ريغان. هذا لا يعني القول بأن ريغان كان سيوافق على كل ما يقوله أو يفعله ترامب. لكن التداخل في آرائهما بشأن هذه القضايا ينبع من تداخل على نطاق أوسع في الفلسفة. وكثيراً ما كان الجمهوريون ينسون هذا المبدأ في السنوات التي تلت رئاسة ريغان. فقد كانوا يتجنبون القيام بإجراءات مؤثرة للمساعدة في أضيق الظروف لصالح مزيد من أيديولوجية السوق الحر الأكثر صفاءً، والتي يمكن أن تتغافل عن المعاناة الحقيقية جراء الأسواق. إن إضفاء ملامح حقبة ريغان على الحزب الجمهوري من شأنه أن يمزج الاعتقاد في إجراءات حكومية محدودة مع الاعتقاد التقليدي في القطاع الخاص. هنري أولسن زميل بارز في مركز الأخلاق والسياسة العامة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»