في تغريدة للرئيس ترامب في حسابه على «تويتر» حذر إيران من اللعب بالنار على رقعة الشطرنج! مهدداً بأن جميع الخيارات مطروحة، هذا في وقت فرض فيه المزيد من العقوبات على إيران، لتشمل 13 شخصية و12 كياناً تابعاً للنظام الإيراني مرتبطين ببرنامج طهران الصاروخي ودعم الأنشطة الإرهابية، وهي عقوبات لا تخرق الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وقد أوضح أن العقوبات الأميركية المرتبطة بدور إيران بالأنشطة الإرهابية وبرنامجها الصاروخي لم تُرفع. وهذا التصعيد مضرّ لإيران لأنه يبقيها ضمن عقلية حصار، ما يُبعد الشركات والمستثمرين الأجانب من التعامل معها في شتى المجالات. وهكذا، وخلال أسبوعين، نسف ترامب ثمانية أعوام من تقارب أوباما مع طهران. وأعاد حال إيران من حليف غير معلن إلى خصم معلن. وتشكل المواقف تجاه إيران حالة من التغيير الكبير الذي تنتهجه إدارة ترامب المغايرة في توجهاتها لسياسة أوباما المهادنة. وهناك اليوم تغيير جذري من إدارة الرئيس ترامب في العلاقة الأميركية- الإيرانية. وكان ترامب قد كال في أثناء حملته الانتخابية الكثير من الانتقادات لإيران، ووصفها بالدولة الأولى الراعية للإرهاب، وبأنها تحتل العراق، مستفيدة من الانسحاب الأميركي، الذي ينتقد أوباما عليه لأنه سمح بتقوية إيران وظهور «داعش»، وأنه كان يجب أخذ نفط العراق أيضاً! ولكن إيران خرجت مستفيدة من الانسحاب الأميركي من بلاد الرافدين. كما انتقد أيضاً الاتفاق النووي السيئ، الذي تعهد بتمزيقه، ثم تراجع بعدما أصبح رئيساً ليطالب فقط بالتشدد في تطبيقه. وقد بدأ تصعيد إدارة ترامب بفرض حظر مؤقت ضد رعايا ست دول عربية وإيران، ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة بشكل مؤقت لمدة 90 يوماً، ليتم إدخال ضوابط وتعديلات على نظام المسح والتشديد في التدقيق على مواطني تلك الدول قبل السماح بدخول أي زائرين أو لاجئين أو مهاجرين منهم إلى أميركا. وردَّت إيران بغضب، وبالمعاملة بالمثل ضد المواطنين الأميركيين. وتدحرجت كرة المواجهة أكثر بعد تجربة إيران لصاروخ باليستي متوسط المدى -1000 كم- لم تعترف طهران بدايةً بإطلاقه، لتتراجع بعد أيام وتعترف بذلك. وبدورها ردت أميركا بغضب، ووجهت إنذاراً قوياً إلى طهران لسلوكها الذي يهدد الأمن والاستقرار، معبِّرة عن رفض التجربة الصاروخية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن 2231 المتعلق بالأنشطة التكنولوجية الخاصة بالصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوساً نووية، وذلك خروج على الاتفاق النووي. وقد أكد ترامب للملك سلمان، أن الولايات المتحدة حريصة على أهمية المتابعة الحثيثة لتطبيق الاتفاق النووي، وكذلك أنشطة إيران المزعزعة للأمن الإقليمي. وانتقد استهداف الحوثيين، حلفاء إيران، للبارجة السعودية في البحر الأحمر. وهذه لغة ومقاربة جديدة في التعامل مع إيران كانت غائبة على مدى ثمانية أعوام، خلال رئاسة أوباما، الذي ينتقد ترامب إدارته بأنها كانت لطيفة مع إيران، وأن على طهران أن تكون ممتنَّة لذلك. ولكن كل ذلك سينتهي مع إدارة ترامب. وقد أعقب ذلك المزيد من التصعيد والتلاسن المتبادل بين الطرفين، حيث ترى الإدارة الأميركية الجديدة أنه بسبب تراخي إدارة أوباما تشعر إيران اليوم بالجرأة، ولذلك تضعها تحت الرقابة والإنذار. وتغريدات ترامب عن وضع إيران تحت المراقبة، قابلها رد إيران المتحدي حول قلة خبرة ترامب السياسية وعدم جدوى تهديداته. بل رفع البعض قفاز التحدي مبرزاً كيف مُرغ أنف أميركا في العراق! ولكن، مَن مرَّغ أنف أميركا في العراق؟! أكيد لم يكن حلفاء إيران! وعلى صلة بدعم طهران للحوثيين استدعت دولة الإمارات العربية المتحدة القائم بالأعمال الإيراني في أبوظبي، احتجاجاً على إرسال إيران أسلحة بطرق غير شرعية للانقلابيين الحوثيين في اليمن في خرق واضح لقرار مجلس الأمن 2216. والتحرك مع الإمارات في هذا المسعى يجب أن يكون جماعياً خليجياً وعربياً ودولياً. ولكن هل تُنهي هذه التطورات المتسارعة الوساطة وحبل الحوار الخليجي الممدود لإيران في الرسالة التي حملها الأسبوع الماضي وزير الخارجية الكويتي من أمير الكويت للرئيس الإيراني حول الموقف الخليجي؟ والراهن، عموماً، أن عنوان اللحظة هو استمرار التصعيد والتحدي بين إدارة ترامب وإيران، ويبقى السؤال: كيف ستردّ طهران على مواقف ترامب؟ هل ستصعِّد بتجربة صاروخ باليستي آخر كما تعهدت؟ أم ستردّ في اليمن أو سوريا أو العراق؟! أم بفرض عقوبات على شركات أميركية كما تهدد بالمعاملة بالمثل؟! سنرصد تغير اللعبة على رقعة الشطرنج!