في مساء يوم السبت الموافق 28 يناير، بينما كانت الاحتجاجات في ذروتها ضد الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب بشأن الهجرة، وكانت لدى وزير الأمن الداخلي «جون كيلي»، وهو الرجل المسؤول عن تنفيذ الأمر، خطة للعمل، فقد قرر أن يصدر إعفاء من قرار الحظر لحاملي البطاقة الخضراء، وهم المقيمون الدائمون في الولايات المتحدة بشكل قانوني، من الدول السبع الممنوع على مواطنيها دخول الولايات المتحدة. وقد أراد «ستيف بانون»، كبير المسؤولين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، منع «كيلي» من اتخاذ هذه الخطوة. وأدى «بانون» زيارة شخصية غير مقررة لمكتب «كيلي» في وزارة الأمن الداخلي لكي يأمره بعدم إصدار هذا الإعفاء. وذكر مسؤولان على دراية بهذه المواجهة، أن «كيلي» رفض الامتثال لتعليمات «بانون». وكانت هذه بداية لمفاوضات استمرت طوال عطلة نهاية الأسبوع بين كبار المسؤولين في إدارة ترامب، وقد أدت، يوم الأحد، إلى قرار ترامب بالتجميد المؤقت لإصدار الأوامر التنفيذية. وأضاف المسؤولان، وهما ذوا اطلاع حسن، أن «كيلي»، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية، قال لـ «بنانون» باحترام وحزم، إنه على رغم منصبه الرفيع في البيت الأبيض وعلاقته الوثيقة بالرئيس ترامب، إلا أنه ليس في موقع يسمح له بتوجيه الأوامر لـ «كيلي». وإذا كان الرئيس يريد «كيلي» أن يتراجع عن إصدار الإعفاء، فإنه يريد أن يسمع ذلك مباشرة من الرئيس شخصياً، بحسب ما قال لـ «بانون». وغادر «بانون» مكتب «كيلي» دون أن يحقق ما يريده. ولم يتصل ترامب بعدها بكيلي ليأمره بالتأجيل. وعليه، قد أصدر «كيلي» قرار الإعفاء في ساعة متأخرة من مساء السبت، على رغم أن الأمر لم يُعلن رسمياً حتى اليوم التالي. بيد أن هذا لم يضع حداً للنزاع. ففي الساعة الثانية تقريباً من صباح الأحد، بحسب ما ذكر المسؤولان المشار إليهما أعلاه، تم إجراء مؤتمر عبر الهاتف بين العديد من كبار المسؤولين لمناقشة الارتباك المستمر بشأن الأمر التنفيذي، وغضب كبار المسؤولين في الحكومة بسبب عدم إشراكهم مقدماً في العملية. وضم هذا المؤتمر عبر الهاتف «بانون»، ومستشار السياسات بالبيت الأبيض «ستيفن ميلر»، ومستشار البيت الأبيض «دونالد ماكجان»، ومستشار الأمن القومي «مايكل فلين»، والوزير «كيلي»، ووزير الدفاع «جيم ماتيس»، ووزير الخارجية المعين «ريكس تيلرسون»، الذي لم تتأكد مشاركته حتى الآن. وقد ذكر لي مسؤول بالبيت الأبيض، ومسؤول بالإدارة، أن «كيلي» و«ماتيس» و«تيلرسون» كانوا يمثلون جبهة موحدة، وأنهم تذمروا من العملية التي أدت إلى إصدار الأمر التنفيذي بشأن الهجرة، مع التركيز على الافتقار شبه التام للتشاور، فضلاً عن تردد البيت الأبيض في القيام بما اعتبروه مراجعات بديهية، مثل إعفاء حاملي البطاقة الخضراء. ومن جانبهما، دافع «بانون» و«ميلر» عن إجراءات البيت الأبيض، وأوضحا أن العملية وجوهر الأمر كانا في إطار دائرة مقربة، لأن إدارة ترامب لم تثبت بعد مسؤوليها في المناصب الحكومية الرئيسة. أما «فلين»، وفقاً لمسؤول بالبيت الأبيض، فقد تبنى جزئياً موقف مسؤولي الحكومة، قائلاً إنه يجب دمجهم في العملية، حتى وإنْ قرر البيت الأبيض في نهاية المطاف عدم اعتماد توصياتهم. وفي وقت لاحق من يوم الأحد، تم عقد اجتماع أوسع لكبار المسؤولين مع «رينس بريبوس»، كبير موظفي البيت الأبيض، و«جارد كوشنر»، المسؤول البارز، والرئيس ترامب نفسه، حيث حاول الجميع فهم العملية، ورسم طريق للمضي فيها قدماً. وقرر الرئيس خلال الاجتماع أنه بعد التطبيق المقرر بالفعل للأمر التنفيذي على الإصلاحات التنظيمية، يجب تجميد سائر الأوامر التنفيذية الأخرى حتى يتم إنشاء عملية تتضمن مساهمات كبار المسؤولين من خارج البيت الأبيض. وكانت أحداث نهاية الأسبوع الماضي هي أول تصادم كبير بين القيادة السياسية في البيت الأبيض والشخصيات القوية التي عينها ترامب لرئاسة بيروقراطيات الأمن القومي. فقد دافع أعضاء مجلس الوزراء عن حقوقهم وعن مؤسساتهم ونجحوا في الدفع بتعديل في السياسة تبنته الإدارة في وقت لاحق في مذكرة «لتوضيح» الأمر التنفيذي. وأثبت أعضاء مجلس الوزراء كذلك أن لديهم ما يقدمونه للبيت الأبيض إلى جانب مساهماتهم السياسية، فهم المتحدثون الأكثر مصداقية عن سياسات البيت الأبيض المثيرة للجدل في نظر الشعب. وقد أكد «كيلي» أن وزارة الأمن الداخلي ستنفذ القرار بصورة إنسانية، وأن المحامين العاملين بالوزارة اشتركوا في إعداد الأمر، وأن القرار لم يتم توقيعه على متن الطائرة، كما تقول بعض التقارير الإخبارية. جوش روجين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»