عندما كان أوباما في السلطة، هل تتذكرون تلك الأيام الجميلة.. فقبل أسبوعين فقط، عندما لم نكن نستيقظ كل صباح قلقين نتساءل أي فظاعة جديدة صدرت عن البيت الأبيض هذه المرة؟ – كان «الجمهوريون» غاضبين جداً من استعماله للأوامر التنفيذية التي سموها «إملاءات أحادية الجانب» و«محاولات هيمنة على السلطة». لا بل إن عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية «آيوا» قال ذات مرة في خطاب له بالمجلس: «إن الرئيس أضحى مثل ملك». يا له من فرق يحدث في غضون بضعة أيام فقط! اليوم، الكثير من أولئك «الجمهوريين» يلوذون بالصمت في وقت أطلق فيه ترامب العنان لأوامره التنفيذية، وراح يقوم بما قال إنه سيقوم به خلال الحملة الانتخابية: الدفع بأجندة القوميين البيض ورؤية لأميركا، سواء كان ذلك عن طريق شيطنة السود في «الأحياء الفقيرة»، أو المكسيكيين على الحدود، أو المسلمين من الشرق الأوسط. ولكن أميركا ترامب ليست أميركا: ليست أميركا اليوم أو أميركا الغد، وإنما أميركا الأمس. إن أميركا ترامب منعزلة وخائفة. وهذه رؤية لأميركا لا يستطيع معظم أبناء هذا البلد أن يقبلوها ولن يقبلوها. رؤية عبأت مواطنين أميركيين عاديين ودفعتهم للمعارضة والاحتجاج بطريقة تكاد غير مسبوقة. ولكنني أخشى أن نكون ماضين تدريجيا نحو الفوضى في وقت يرفض فيه كل من الشعب والرئيس التراجع والإذعان. أحدث خطوة أثارت حفيظة المعارضة كانت قرار ترامب «تعليق إعادة توطين اللاجئين السوريين ومنع مواطني سبعة بلدان ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة بشكل مؤقت»، بيد أنه لا معنى لهذا الحظر الذي من المرجح أن يكون غير دستوري، فضلاً عن أنه فوضوي ومضر بصالح أمننا القومي. فمثلما كتبت «نيويورك تايمز» يوم الأحد، فإنه «منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، لم يُقتل أحدٌ في الولايات المتحدة في هجوم إرهابي من قبل شخص هاجر، أو هاجر أبواه، من سوريا والعراق وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن، وهي البلدان السبعة المستهدَفة في حظر تأشيرة الدخول للولايات المتحدة لفترة 120 يوماً التي نص عليها الأمر، وفق تشارلز كروزمان، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة كارولاينا الشمالية». وقررت وزارة الأمن الداخلي أن القيود «لا تطبق على الأشخاص الذين لديهم إقامة دائمة قانونية، والذين يشار إليهم عموماً بحملة البطاقة الخضراء». غير أن التقرير أضاف أن «البيت الأبيض رفض ذاك التوجيه ليلًا، وفق مسؤولين. وقد صدر هذا القرار عن الدائرة الداخلية للرئيس، التي يتزعمها ستيفان ميلر وستيف بانون». أجل ستيف بانون نفسه، الذي عُين في حملة ترامب قادما إليها من منصبه السابق كرئيس تنفيذي لـ«بريتبارت نيوز» والذي يشغل اليوم منصب كبير مستشاري ترامب الاستراتيجيين، والشخص نفسه الذي قال في مقابلة مع مجلة «ماذر جونس» في يوليو الماضي، متحدثاً عن «بريتبارت»: «إننا منبر اليمين البديل». وغني عن البيان أن «اليمين البديل» ليس سوى تسمية مهذبة وملطفة تحيل على القوميين البيض، سواء كانوا انفصاليين بيضا، أو عنصريين مؤمنين بتفوق الجنس الأبيض، أو نازيين جدداً. تشارلز بلو* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»