الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب الذي يحظر دخول الولايات المتحدة على لاجئين من سبع دول غالبيتها من المسلمين، مع إعطاء الأولوية للاجئين من الأقليات الدينية (وتحديداً المسيحيين)، هو مظهر للتمييز ضد أشخاص أبرياء في عرف القانون. لذا فإن هذا الأمر التنفيذي ينتهك القيمة الدستورية للحرية الدينية المتساوية. لكن من الصعوبة أن تستند محكمةٌ من المحاكم إلى هذا الانتهاك الدستوري، لإسقاط الأمر التنفيذي. فعادة لا تفسر المحاكم الدستور على أنه يحمي حقوق غير المواطنين الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة. وكي تتدخل المحكمة في التصدي للأمر التنفيذي، يتعين على معارضي هذا الأمر أن يجادلوا بأنه ينتهك حقوق أشخاص موجودين فعلا في الولايات المتحدة. وهذا يتطلب بعض العبقرية، إذ أن العقبة في هذه الحالة يمكن التغلب عليها. والأحجية هنا ستكون في الزعم بأن حاملي التأشيرات من الدول السبع الذين هم بالفعل في الولايات المتحدة -حاملو تأشيرة طالب مثلا- يمكنهم إقامة الدعوى لأن الأمر التنفيذي يمنعهم من المغادرة والعودة التي كانت متاحة لهم بغير الأمر التنفيذي. وفيما يخص الدستور، فإن التعديل الرابع عشر يحظر على الحكومة منع أي شخص من الحصول على الحماية المتساوية أمام القانون. وكان هذا التعديل قد وُضِع للتصدي للتمييز العنصري، لكن أثره يمتد إلى التمييز الديني أيضاً. والتعديل الأول في الدستور، يشمل ضمانتين مستقلتين ينتهكهما معاً أمر ترامب التنفيذي الحالي. فالفقرة الخاصة بحرية ممارسة العبادة تم تفسيرها على أنها تحظر على الحكومة منع ممارسة دينية لجماعة ما من باب العداء الديني. والفقرة الأخرى تحظر على الحكومة اتخاذ إجراء يدعم ديناً على حساب آخر. وتحظر على الحكومة أيضاً التحامل على دين على حساب آخر. والأمر التنفيذي يعامل المسلمين بشكل مختلف عن غير المسلمين. وهذا يضع عبئاً على تعبير المسلمين عن دينهم ويمثل انتهاكاً لفقرتي الحماية المتساوية وحرية ممارسة العبادات. والأمر التنفيذي يفعل هذا في المقام الأول لأنه يحدد دولا ذات أغلبية مسلمة كهدف دون أساس حقيقي ذي صلة بالأمن القومي كما يزعم. وهو يختص بحظر المسلمين مع أعطاء الأولوية للمسيحيين. والنص المكتوب للأمر التنفيذي لا يشمل كل الدول ذات الغالبية المسلمة أو كل الدول التي «تنتج الإرهاب»! ولا يستخدم لفظ «مسلم» و«مسيحي»، بل يشير إلى الأقليات الدينية في الدول السبع. لكن الرئيس نفسه أوضح في «شبكة الإذاعة المسيحية»، وعلى موقع «تويتر»، أنه أراد إعطاء أفضلية للمسيحيين. ولذا لا تستطيع الحكومة التواري خلف نص الأمر المحايد في ظاهره. وتفسير ترامب يوضح أيضاً أنه يحابي المسيحية على حساب المسلمين. ونظرياً، من الجائز إعطاء أولوية لأقلية دينية مضطهدة لحمايتها. لكن تفسير ترامب يعكس تفضيلاً رمزياً للاجئين المسيحيين. وهذا يعادل إعلان أن الولايات المتحدة بلد مسيحي. والدول التي تفضل علناً اللاجئين المسيحيين على المسلمين، مثل بولندا وبلغاريا وسلوفاكيا على سبيل المثال، لا تتردد في القول بأنها دول مسيحية تفضل المسيحيين. لكن ترامب سيؤكد قطعاً أن الكونغرس يتمتع بكامل السلطة في موضوع الهجرة، بموجب الدستور، وأنه أجاز للرئيس حظر دخول مهاجرين يعتبر دخولهم «ضد مصالح الولايات المتحدة». وهذا هو الأساس في الأمر التنفيذي كله. لكن هذه السلطة لا يمكنها تجاوز الدستور أو حقوق الناس الذين يحميهم. وكي تعرض هذه المشكلات الدستورية أمام قاض، يجب توافر مدع خاضع لسلطات الدستور الأميركي وأن هذا المدعي متضرر من القانون. وعلى سبيل المثال، إذا رُفض طلب تأشيرة لعراقي مسلم دخول الولايات المتحدة، بينما سُمح لعراقي مسيحي بدخول البلاد، نستطيع القول بالتأكيد إن هناك ضرراً وقع على الأول من الأمر التنفيذي. لكن لأنه مواطن غير أميركي خارج البلاد، فإن القضاء لا يرى أنه متمتع بحماية الدستور. والحل يتمثل في العثور على شخص موجود في الولايات المتحدة متضرر من الأمر. فحتى غير المواطنين لهم حقوق الحرية الدينية والحماية المتساوية حين يكونون داخل حدود البلاد. وأفضل مراهنة لمعارضي الأمر التنفيذي هو التقدم بقضية نيابة عن مدع مقيم في البلاد قانونياً، لكنه متضرر من الحظر. والضرر قد يكون الافتقار إلى فرصة مغادرة البلاد والعودة إليها. ومما يعتبر ضرراً كذلك أن يكون المدعي قد اشترى تذكرة طيران ويعتزم حقاً السفر والعودة إلى البلاد، لكنه لم يستطع. ومن الممكن أن يكون هناك مدع موجود في الولايات المتحدة بموجب تأشيرة قانونية ثم رُفض منحه وضعية اللاجئ. ويمكن أيضاً أن يطعن مدع في الأمر التنفيذي برمته بالقول بأن الأمر برمته نابع من العداء للمسلمين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»