بينما تدفق المتظاهرون على المطارات احتجاجاً على سياسات ترامب ضد الهجرة، تم توقيع مذكرة رئاسية أخرى في نهاية الأسبوع قد يكون لها تداعيات أخطر وأوسع نطاقاً. وتبدو الوثيقة الموقعة مثل تغيير بيروقراطي بسيط، يوضح الشكل الذي سيكون عليه «مجلس الأمن القومي» في ظل ترامب. بيد أنه تغيير مقلق بشكل كبير. والهدف من فكرة «مجلس الأمن القومي»، الذي تم تأسيسه في 1947، هو ضمان حصول الرئيس على أفضل مشورة ممكنة من إدارته وجيشه واستخباراته قبل اتخاذ قرارات قد يكون لها آثار واسعة النطاق، ولضمان أنه بمجرد اتخاذ تلك القرارات، ستوجد آلية مركزية لضمان سريان تطبيقها؛ أي أن «مجلس الأمن القومي» هو بمثابة الجهاز العصبي المركزي للسياسات الخارجية وأجهزة الأمن القومي الأميركية. ووصفت مذكرة ترامب هيكل «مجلس الأمن القومي» في ظل إدارته، وهو أمر غير استثنائي في ضوء التغييرات التي تحدث بأساليب عادية مع الانتقال من إدارة إلى إدارة. لكن المشكلة تكمن في ماهية التغييرات التي أجراها الرئيس. وبداية، خفض الرئيس الأميركي درجة أعلى الضباط في الولايات المتحدة، لا سيما رئيس قيادة الأركان المشتركة، وأعلى مسؤول في الاستخبارات الأميركية، ومدير الاستخبارات الوطنية؛ ففي الإدارة السابقة، كان شاغلي هذه المناصب وما يساويها لديهم مناصب دائمة في «مجلس الأمن القومي». والآن، لن تتم دعوة هؤلاء المسؤولين البارزين إلا عندما تعتبر خبرتهم المحددة ضرورية. ومن الصعب تخيل أية مواقف لا تمثل فيها رؤاهم قيمة مضافة، ومن الصعب تأييد هذا التقليل في ضوء التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الراهن، وحالة العلاقات المتوترة بين الرئيس ومجتمع الاستخبارات. ويعني ذلك أن الرئيس الذي لا يمتلك أية خبرة في الأمن القومي، ويحتاج إلى كل النصائح التي يمكنه الحصول عليها، قرّر لتوه تقليص كافة المشاركات التي يحصل عليها من اثنين من أهم الجهات الاستشارية لأي رئيس. كما قرر ترامب أن يجعل كبير مستشاريه السياسيين «ستيفن بانون» عضواً دائماً في مجلس الأمن القومي. وفي حين أن كبير موظفي البيت الأبيض يشارك عملياً في كافة «مداولات مجلس الأمن القومي»، لا أعرف أي وضع آخر يكون فيه مستشار سياسي عضواً دائماً بصورة رسمية في المجلس! يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»