البنية التحتية أكثر الأمور قرباً إلى دونالد ترامب، وهو أقرب من وعود خفض الضرائب أو مواجهة الصين أو بناء جدار المكسيك، فترامب من البنائين العباقرة وهو يحب الأفكار الكبيرة، وهناك حاجة إلى مشروعات كبيرة ولصيانة الطرق والجسور، كما أن الموانئ البحرية والجوية أصبحت عتيقة ونظام السكك الحديدية يحتاج للتجديد، وهناك اتفاق في الآراء يشير إلى أن شيئاً سيجري بهذا الشأن. وترامب يستشرف أمراً طموحاً يمكن إقراره في الكونغرس على أساس موافقة من الحزبين وتحقيق رصيد سياسي بفضله، لكن هذا الأمر يصبح أكثر تعقيداً حين نتناول تفاصيله، وهناك أربعة احتمالات لتشريع كبير من أجل البنية التحتية، وهي: أولاً: خطة تتكلف تريليون دولار وتستمر عشر سنوات يمولها دافعو الضرائب. وعلى المدى الطويل تحقق معظم هذه المشروعات نمواً اقتصادياً أكثر من كلفتها. ثانياً: خطة تتكلف تريليون دولار وتمول بالجمع بين الرسوم التي يدفعها المستخدمون، وربما من زيادة الضريبة على البنزين التي لم تزد منذ التسعينيات وبين العائدات الجديدة من إصلاح قانون ضرائب على الشركات، والتي تستهدف تحقيق دخول أجنبية بمعدل ضريبة أقل. ثالثاً: خطة يمولها القطاع الخاص من أرصدة الضرائب والحوافز الأخرى. رابعاً: برنامج أصغر أكثر تدريجية يسير وفقاً للجهود الأخيرة للحكومة في البنية التحتية. ولنستبعد الفكرة الأخيرة، لأن ترامب لا يحب النشاط الاقتصادي الصغير أو الاعتيادي، لكن الخيارات الأخرى تواجه مشكلات أيضاً، وأولها، وهو الذي يفضله ترامب على الأرجح، يثير رعب المتشددين بشأن العجز في الميزانية، بمن فيهم الجمهوريون الذين عارضوا إنفاق أوباما التحفيزي للاقتصاد، وهذا يطرح مشكلتين؛ فالجمهوريون يريدون استخدام جانب كبير من أي أموال عائدة من الخارج بمعدل ضرائب أقل لتقليص الضرائب على الشركات، فلا يتوافر ما يكفي لتنفيذ كل شيء، وهذا يعني تأجيل مشروعات البنية التحتية، وهو ما لا يريده ترامب، ونهج تمويل القطاع الخاص يلقى هوى عند بعض السياسيين. فالمشروعات يتعين أن تكون مجدية اقتصادياً، وغالبية مشروعات البنية التحتية تحتاج لاستثمارات من القطاع العام. ومثل تلك المشروعات تتمتع بدعم نشط من الزعماء العماليين وأصحاب الأعمال وعدد من الساسة يريدون الانضمام لهذا الدعم، وهذا واضح في مبادرتين؛ إحداهما واقعية والأخرى ليست كذلك، لكنها ذات دلالة، ففي الأسبوع الماضي، تقدم ديموقراطيون في مجلس الشيوخ بخطة قيمتها تريليون دولار، قالوا إنها توفر أكثر من 15 مليون وظيفة، وهي تشمل كل مشروعات البنية التحتية من طرق وجسور ومطارات وموانئ بحرية ومشروعات للطاقة النظيفة وغيرها. والمبادرة الثانية جاءت في وثيقة تضم المشروعات الأولية التي وضعها فريق ترامب الانتقالي. وينفي تيار ترامب أي صلة بالوثيقة، لكن الخطط المحددة تبدو كما لو أنها مطروحة من حكام الولايات وآخرين. وهذه الأفكار تتضمن كل شيء من أنظمة قطارات مترو سريعة بين نيويورك ونيوآرك وبين دالاس وهيوستون وتجديد عدد من المطارات الرئيسة، إلى تحسين سد تشيكاماوجا في تينيسي. ومسودة المشروع تشير إلى أن 50% من التمويل مستمد من القطاع الخاص، وهو ما لن يستهوي الديموقراطيين. لكن في نهاية المطاف فإن القضية تتوقف على ترامب. وكبير مستشاريه ستيف بانون أعلن أن الكلفة غير مهمة في ظل أسعار فائدة منخفضة للغاية، وأن المشروعات الكبيرة في المدن قد تحول الناخبين الأميركيين الأفارقة إلى أنصار لترامب، وبانون المؤيد لوجهات نظر القوميين البيض، محق بشأن السياسة المحتملة إجمالاً، وهي صورة لمئات الجسور والطرق والأنفاق والمطارات قيد الإنشاء، يكتب على لافتاتها الكبيرة الرئيس دونالد ترامب. ألبرت هانت محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»