أعلن السيناتور الأميركي «مايك لي» (جمهوري- عن ولاية أوتاه)، رغبته في الانفصال عن الخط الرئيسي للحزب الجمهوري بشأن السياسة الضريبية. فمن المعروف أن معظم الخطط الضريبية للجمهوريين، خلال العقد الماضي، كانت ترى أن مهمتها الأولى هي خفض الحد الأعلى للضريبة المفروضة على أصحاب الدخول المرتفعة، في حين تدعو خطة «لي» إلى إجراء تغييرات، تهدف بشكل أساسي، إلى تخفيض الأعباء الضريبية، على الآباء المنتمين إلى الطبقة الوسطى. والآن يقترح «لي» تغييراً آخر في سياسة الحزب الجمهوري الضريبية: فبدلًا من السعي لتخفيض الضرائب المفروضة على الأرباح الرأسمالية والأفراد، وهو ما كان الجمهوريون يحاولون عمله على امتداد عقود، فسيسعى لرفعها. ولكنه في الآن ذاته، سيكون أكثر جسارة من زملائه بشأن أرباح الشركات. ففي حين يريد معظم الجمهوريين، تخفيض معدل الضريبة على الشركات -دعا دونالد ترامب في حملته إلى تخفيضها بنسبة 15 في المئة- فإن «لي» يريد إلغاءها تماماً. وخطة «لي» مستمدة من الدراسة التي أجراها كل من «إيرك تودر» و«آلان فيارد» أستاذا الاقتصاد اللذان يعملان في معهد «إيربان»، ومعهد «أميركان إنتربرايز»، على التوالي. والمقترح الذي قدمه الاثنان في دراستهما يهدف إلى حل بعض المشكلات المعروفة المتعلقة بضرائب الشركات. فالضرائب، كما هو معروف، تشجع الشركات على تمويل الاستثمارات من خلال الديون، بدلاً من الأسهم، لإعادة استثمار أرباحها، عوضاً عن دفع أرباح الأسهم، والإبقاء على الأرباح التي تحققها من خلال العمل في دول أجنبية في الخارج، بدل استثمارها داخل الولايات المتحدة. ومن المعروف أن دخول الأفراد من العوائد والأرباح الرأسمالية، تخضع للضريبة بنسبة أقل من الدخول المتحصَّلة عن طريق العمل. والنقطة الرئيسة في هذه المعاملة التفضيلية، تتمثل في تجنب الازدواج الضريبي: فالكثير من الدخول الرأسمالية تكون قد خضعت للضريبة بالفعل على مستوى الشركات، مما يعني أنه في حالة إلغاء هذه الضريبة المفروضة عليها، سيكون من المنطقي في هذه الحالة فرض ضريبة على الدخل المتحقق من رأسمال الأفراد بمعدل أعلى من معدل الضرائب التي يدفعونها على الدخل المتحصَّل عن طريق العمل. وإجراء هذا التغيير ستنتج عنه فوائد مهمة منها: أن الأميركيين سيخضعون للضريبة على دخولهم الرأسمالية، بصرف النظر عن المكان أو الدولة التي تستثمر فيها الشركات التي يمتلكون أسهماً فيها. فاحتمال هجرة الفرد من الولايات المتحدة، لتجنب الضريبة على رأس المال أقل بكثير من احتمال نقل شركة لأصولها لتجنب ضريبة الشركات. ومن هنا فإن احتمال أن يؤدي فرض ضريبة على الدخل المتحصل من رأس المال، على مستوى الأفراد، إلى تثبيط الاستثمار في الولايات المتحدة أكبر من احتمال حدوث هذا الشيء عند فرض ضريبة عليه على مستوى الشركات. و«لي» ينظر إلى هذه الفكرة من منظور الجدل الدائر حول التجارة. ولذلك يقول: «ليس بمقدورنا إغلاق الاقتصاد العالمي... ولكن ما نستطيع عمله هو إحضار المزيد من الاقتصاد الدولي إلى الولايات المتحدة، ونقل المزيد من ثماره للعمال الأميركيين». وقد عمل «تودر» و«فيارد» عندما نقَّحا مقترحهما في فترة لاحقة، على إضافة بعض الميزات، التي لم يتبنّها «لي». فبموجب القانون الضريبي المعمول به حالياً، يتم فرض الضريبة على الأرباح الرأسمالية عندما تتحقق بالفعل. ولكن زيادة معدل ضريبة رأس المال يخلق بدوره مشكلة، تتمثل في إحجام الناس عن بيع أسهمهم تجنباً لدفع الضريبة، وهو ما يدفع الاقتصاديين إلى التحول لنظام فرض الضرائب على الأرباح الرأسمالية المتجمعة، على رغم أن قيمة الأسهم يمكن أن تكون متقلبة، مع ذلك. وفرض ضريبة على رأس المال على أساس تراكمي، يمكن أن يؤدي إلى تأثير عكس المتوخَّى منه في الأساس، وهو إجبار الناس على بيع أصولهم التي ازدادت قيمتها زيادة حادة بمرور الوقت، حتى يدفعوا الضريبة. وقد قرر عالما الاقتصاد المذكوران أيضاً خفض معدل الضرائب على الشركات إلى 15 في المئة، بدلاً من شطب الضريبة بالكامل. وقد أدخلا هذا التعديل لأسباب من بينها الرغبة في تجنب أن تؤدي مقترحاتهما إلى التسبب في خسارة أكبر من اللازم في العوائد الفيدرالية، وكذلك لأن هذا التعديل يجعل فرض ضريبة على المستثمرين الأجانب، على سبيل المثال، أمراً ممكناً. ولكن هذا التعديل استوجب في الآن ذاته إجراء تعديل آخر. فإبقاء الضريبة على الشركات، مع رفع الضرائب الرأسمالية على الأفراد، أعاد مرة أخرى خلق مشكلة الضريبة المزدوجة، التي عالجها الاقتصاديان من خلال منح حملة الأسهم إعفاءً ضريبياً. أما «لي»، من جانبه، فسيقوم فحسب بإلغاء ضريبة الشركات، حيث قال إنه يفضّل «الإجراء البسيط المتمثل في تصفير تلك الضريبة». ولكنه يقول أيضاً إنه مرن بشأن التفاصيل: فتفضيل البساطة على غيرها، يكون منطقياً عادة، عند تقديم فكرة غير معتادة للسجال السياسي، في حين أن ما يرغب «لي» في عمله «هو مجرد البدء في حوار»- على حد قوله. --------------- راميش بونورو* * محرر رئيسي في مجلة «ناشيونال ريفيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»