هناك وجهتا نظر شائعتان وسط الصحفيين عن مصير مهنتنا في ظل رئاسة دونالد ترامب. الأولى هي أن عصرنا يمثل خطراً كبيراً على حرية الصحافة، وأن حرب ترامب على الصحف والشبكات الإعلامية ستتصاعد، مستخدماً التغريدات والحملات التي قد ترقى لما قام به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الصحافة، وأن الصحافة المستقلة سيجري تهميشها، وأن البيت الأبيض سيستأنس صحافة أليفة له. ووجهة النظر الثانية هي أن هذا سيكون عصراً ذهبياً لوسائل الإعلام، يوفر للصحفيين حرية القيام بعملهم على الوجه الكامل وسيجدون في البلاد التي أشاع فيها ترامب الخوف جمهوراً متقبلاً للصحافة السلبية التي اعتقد كثيرون أنها انتهت مع ظهور الإنترنت. لكن مع مضي الصحافة في تغطية أخبار ترامب يقلقني شيء مختلف، فقد يجري استدراج الصحافة حتى تنساق وراء نوع من المعارضة الهستيرية يعكس نمط التابلويد الذي يغفل الحقائق. فلا شك في أن اندفاعات ترامب وأنصاره العنصريون تستحق انتباهاً خاصاً، لكن هناك صحافة زعمت وجود جرائم كراهية يذكيها ترامب وربما تجري المبالغة في نطاقها بإضافة تفاصيل تصور الواقع بشكل لا يرقى إلى الحقيقة. والمشكلة أن كل هذه الصحافة التحذيرية- وأخبارها المزيفة حقاً- يحفزها جانب ترويجي. فهناك قطاع من القراء يتطلع إلى تأكيد أسوأ مخاوفه في كل خطوة يتخذها ترامب وإدارته. وهؤلاء القراء يثقون في أن إعلام التيار الرئيسي صاحب الميل الليبرالي ينقل إليهم الحقيقة! لكن تصفح الجمهور ومشاركته للموضوعات على الإنترنت سيكافئ هذه المنافذ على ما فعلته حين جعلت الإشاعات تبدو مؤكدة أو تجعل الحقيقة أكثر إثارة للقلق مما هي عليه. والمشكلة أن تيار الصحافة الرئيسي إذ يعتقد أنه يقاوم ترامب بكل نبل، فإن الحال سينتهي به إلى تقليده، ومثل هذا التقليد سيحفز حماس القارئ وولاءه إلى حين. لكن بعد مرحلة معينة فإن هذا سيصبح استقطاباً أكثر منه إقناعاً. روس دوذات: كاتب وصحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»