امتلأت أول 96 ساعة من ولاية الرئيس دونالد ترامب بالادعاءات والادعاءات المضادة واتهامات بالتحيز وأكاذيب مباشرة وغيرها من الأشياء الأخرى التي تجعل الناس يكرهون السياسة والساسة وكل ما يتعلق بواشنطن. ويكفي بالنسبة إليَّ -كمدمن سياسة- أن أتساءل عما نفعله هنا. إن الأمر برمته يبدو رهيباً ومثيراً للاشمئزاز ولا يمكن تحمله. لكن ليست كل السياسة -أو كل الساسة- يعملون بهذه الكيفية. فهناك الكثير من الساسة عموماً يؤدون عملهم بالطريقة الصحيحة ويعملون على تمثيل ناخبيهم ووجهات نظرهم مع التواضع وروح الدعابة، ناهيك بالالتزام بإيجاد حلول وليس مجرد الصراخ بوجود مشاكل. ومما يثلج الصدور القراءة عن هؤلاء الناس. وفي ما يلي نستعرض القليل من الساسة الذين يجب أن يجعلوك تؤمن مجدداً بالخدمة العامة، حتى في هذه الأوقات المضطربة. - السيناتورة الديمقراطية «باتي موراي»، فهي ببساطة أكثر سيناتورة يتم التقليل من قدرها، وهذا أمر غير عادل. فقد قادت بنجاح المنظمة التي ترمي إلى زيادة عدد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، كما أنها لعبت دوراً محورياً داخل المجلس. وكثيراً ما أظهرت الرغبة والقدرة على إنجاز الأمور حتى وسط الصخب الحزبي الذي يزداد سوءاً. وقد صاغت «موراي»، جنباً إلى جنب مع النائب الجمهوري «بول ريان»، الذي لم يكن قد تولى بعد رئاسة مجلس النواب، قانون موازنة الحزبين لعام 2013، والذي وضع حداً للممارسات المالية للكونغرس. وأثبت هذا القانون أيضاً أن التسوية الحزبية ممكنة إذا توافرت الرغبة لدى الحزبين. - السيناتور الجمهوري «ليندسي جراهام»، وهو السياسي الجمهوري نادر الوجود الذي قاد بنجاح صعود «حزب الشاي» خلال العقد الماضي. ورغم مزاعم بعض أعضاء «حزب الشاي» وتهديداتهم بالقضاء عليه نتيجة اعتداله المزعوم، فإن جراهام يتجه نحو إعادة انتخابه. وهو مازال يمثل بشكل غير قابل للاعتذار الجناح المتشدد للحزب الجمهوري ويعد واحداً من أكبر المتشككين حيال دوافع روسيا وفلاديمير بوتين. وجراهام يفعل كل ذلك مع طبيعته التي تمتاز بإنكار الذات وشعور رائع بالفكاهة. - السيناتور الديمقراطي «مايكل بينيت»، والذي لم يكن متوقعاً على الإطلاق أن ينجو من أول سباق له، فقد تم تعيينه لملء مقعد وزير الداخلية «كان سالازار» في عام 2009، حيث كان غير معروف إطلاقاً في الولاية. بيد أن بينيت فاز في أول سباق له عام 2010 وفاز مرة أخرى عام 2016. وهو شخص متكتم ولا يسعى لاستقطاب الصحافة الوطنية، ما يعد أمراً نادراً بالنسبة إلى سياسي ناجح. بيد أن بينيت ذكي وجاد، ويحسن الحزب الديمقراطي صنعا بدراسة أسلوبه لتحقيق النصر في ما يتأهب لتقديم نفسه بصورة جديدة على مستوى الكونغرس. - الحاكم الجمهوري «تشارلي بيكر» لماساشوستس، والتي تعد واحدة من أهم الولايات الديمقراطية في البلاد. ورغم ذلك، فإن «بيكر» الجمهوري هو واحد من أكثر الحكام شعبية في البلاد، إذ قدّم نفسه كقوة إيجابية تهدف إلى التغيير، وكرجل أعمال ملتزم بجعل الحكومة تعمل بصورة أفضل. - الحاكم الديمقراطي «جون هيكينلوبر» لولاية كولورادو، والذي تحدثت مع الكثير من الساسة عام 2016 عن الحالة السياسية وما تحتاج إليه ولايته. ولم أتأثر بأحد كما تأثرت بـ«هيكينلوبر». وهو كحاكم له سلبياته وإيجابياته، لكنه كان ضمن ثلاثة مرشحين لتولي منصب نائب الرئيس حال فوز هيلاري كلينتون. وهو واضح وشفاف بشأن نجاحاته وإخفاقاته، ويمكن أن يجلب رؤيته كرجل أعمال إلى الحزب الديمقراطي. - السيناتور الجمهوري «لامار ألكسندر»، والذي قد يتذكره البعض فقط لفشله مرتين كمرشح رئاسي. لكن منذ انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عام 2002، استطاع «لامار» تمييز نفسه كشخص ملتزم بوضع سياسة فعلية واستعداده (وقدرته) في ما يخص محاربة مؤيدي الأيديولوجيات (المنظِّرين) في حزبه. ومؤخراً كان ألكسندر صريحاً بشأن ضرورة أن يضع الحزب الجمهوري خطة بديلة قبل المضيّ قدماً لإلغاء قانون الرعاية بأسعار معقولة. - السيناتور الديمقراطي «كريستوفر إيه كونز»، ديلاوير: لم يكن من المفترض أن يكون «كونز» في مجلس الشيوخ. فقد ترشح عام 2010 ككبش فداء ضد النائب الجمهوري الأكثر شعبية «مايكل كاسل». بيد أنه خسر في الانتخابات التمهيدية أمام «كريستين دونيل»، وفجأة أصبح «كونز» عضواً في مجلس الشيوخ. ومنذ ذلك الوقت برز كسيناتور عميق التفكير. - النائب الجمهوري «آدم كينزينجر»، الذي انتُخب لأول مرة في عام 2010، وأثبت أنه واحد من أفضل زملائه في المجموعة. ولا يرى كينزينجر أي مشكلة في انتقاد ترامب صراحةً عندما يشعر بضرورة ذلك. بعض الساسة يؤدون عملهم بالطريقة الصحيحة، ويعملون على تمثيل ناخبيهم ووجهات نظرهم، مع التواضع وروح الدعابة. كريس سيليزا* --------------------- *محلل سياسي أميركي ------------------------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»