«المناصب الشاغرة» عبء على ترامب.. ودرس أفريقي في الديمقراطية «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها لأول أمس الاثنين، وتحت عنوان «دونالد ترامب وبحر من المناصب الشاغرة»، رأت «نيويورك تايمز» أن الشعب الأميركي، ليس لديه سوى قدر ضئيل من الثقة في العبارة التي وردت الأسبوع الماضي على لسان «مايك بينس» نائب الرئيس ترامب، والتي قال فيها: «وظائفنا جاهزة من اليوم الأول، وعلى الشعب الأميركي أن يثق في قدرتنا على ذلك». لكن كيف يمكن الاقتناع بهذه المقولة، خاصة عندما يقول ترامب في خطابه الافتتاحي إن البلاد تمر بوضع حرج. وسيكون من الصعب عليه تشكيل فريقه التنفيذي في وقت قياسي، والغريب أنه تسلم مقاليد الحكم في الولايات المتحدة بفريق غير مكتمل لدرجة غير مسبوقة في التاريخ الأميركي الحديث. وحسب الصحيفة، من المتوقع أن يقوم الرئيس الجديد بتعيين 4000 موظف، وأن يرشح ما يزيد على 1100 آخرين على أن يقر مجلس الشيوخ تعيينهم في مناصبهم، وهناك 100 منصب يتعين على الرئيس اختيار من يشغلهم، على أن يقر مجلس الشيوخ تعيينهم. ومن المستحيل بالنسبة لأي رئيس أن يملأ هذه الشواغر الوظيفية في اليوم الأول من وصوله إلى البيت الأبيض. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ترامب يستطيع تعيين 450 من موظفي البيت الأبيض دون الحصول على موافقة مجلس الشيوخ. اللافت أن ترامب لم يحدد ثلاثة أرباع الوظائف المئة الأكثر أهمية، كما أن بعض من اختارهم لشغل وظائف في البيت الأبيض، والذين أدوا اليمين الدستورية يوم الأحد الماضي لا يمتلكون خبرة حكومية كبيرة. ترامب، حتى يوم الخميس الماضي، لم يكن قد عيّن سوى 21 شخصاً في طاقم إدارته، ولا يزال أمامه شواغر كثيرة يتعين عليه استكمالها وتحديد من سيشغلها. وحسب الصحيفة، يختار ترامب الأشخاص قبل أن يدقق في سيرتهم. فريق ترامب الانتقالي توقع أن يقر مجلس الشيوخ 7 من الحقائب الوزارية التي كان قد رشحها ترامب، وهذا ما حدث بالفعل يوم الجمعة الماضية. كما أبقت إدارة ترامب على قرابة 50 مسؤولاً تنفيذياً معظمهم يشغلون مناصب دبلوماسية أو يعملون أجهزة الآمن القومي. وحسب الصحيفة، لدى، الحكومة الفيدرالية ما يزيد على 2 مليون موظف، وهؤلاء يتمتعون بخبرة كبيرة، في حين يتعين على الرئيس اختيار 4000 موظف، على أن يبُت مجلس الشيوج في تعيين1100 شخص. صحيح أن هناك محاولات لجعل بعض الوظائف يتم شغلها بتعيينات من الرئيس فقط دون حاجة لموافقة مجلس الشيوخ، وهو ما تحقق بالفعل عام 2012 عندما تمت صياغة قائمة من 169 وظيفة لا تحتاج موافقة مجلس الشيوخ، والآن بمقدور ترامب تشجيع المجلس على زيادة عدد الوظائف في هذه القائمة.،وقبل أن يقدم على ذلك عليه الإسراع في تشكيل طاقمه الرئاسي. «واشنطن بوست» «لنحترم المنصب ونراعِ الأمل في هذه الأمة»، هكذا عنونت «واشنطن بوست» افتتاحيتها، يوم الجمعة الماضي، لترصد مداخلات قرائها التي تتضمن آمالهم ونصائحهم للرئيس الجديد، عشية تنصيبه، واحدة من هؤلاء القراء تُدعى «كيت كاين» البالغة من العمر 66 عاماً، وهي من ولاية شيكاغو، ووجهت كلامها للرئيس الجديد، قائلة: (الرئيس المنتخب دونالد ترامب: أنت على وشك تأدية القَسَم الأهم لشغل منصب يحلم أي شخص بالوصول إليه..إنني لم انتخبك، لكنني أدعم واحترم منصبك). وترى الصحيفة أن الخطاب الافتتاحي لأي رئيس عادة ما يكون حدثاً سياسياً، فهناك حزب فائز في الانتخابات، وآخر خاسر، ويتعلق الأمر بمسألة أخرى تتجاوز المشهد السياسي، وهي الاحتفال بما تراه الصحيفة «ديمقراطية دستورية» من خلالها يتم تغيير القوى المهيمنة على السلطة بطريقة سلمية، على أن تكون هذه القوى خاضعة لأمر الشعب. وفي هذا العام معظم الخاسرين في الانتخابات- أي «الديمقراطيين»- ليسوا في حالة مزاجية تسمح لهم بالاحتفال، بل إن معظمهم قاطع احتفال تنصيب ترامب، والمفارقة أن آلافا تجمعوا في العاصمة واشنطن للمشاركة في احتفال التنصيب، بينما آلاف آخرون احتشدوا للتظاهر ضد ترامب. وتقول الصحيفة: بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، أصبح ترامب رئيساً شرعياً للولايات المتحدة، ونحن مثل «كاين» نعارض ترامب ونحترم منصبه. والديمقراطية الأميركية- كما تقول الصحيفة- مرتبطة بقدرتنا على الاعتراف بالفشل حال وقوعه والالتزام بتسيير الأمور نحو الأفضل. على سبيل المثال في ظل مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، ينبغي إجراء تحقيقات في الموضوع على أن تكون متحررة من الخوف، كي نثبت أن الديمقراطية الأميركية قادرة على تصحيح نفسها بنفسها. وأفضل طريقة للتعاطي مع رئاسة ترامب تتمثل في احترام منصبه، على أمل أن يحظى صاحب المنصب بالاحترام بسبب ما سيقوم به من سياسات وهو في سدة الرئاسة. «كريستيان ساينس مونيتور» في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان «درس من أفريقيا في الديمقراطية»، استنتجت «كريستيان ساينس مونيتور» أن الأزمة السياسية التي اندلعت في جامبيا، هذا البلد الصغير الواقع غرب أفريقيا، استدعت تدخل دول الجوار، وهو ما يمكن اعتباره مؤشراً على الالتزام القوي بالديمقراطية داخل القارة السمراء. الصحيفة علقت على ضغوط الدول المجاورة لجامبيا من أجل إجبار رئيسها المنتهية ولايته يحيى جامع، على القبول بنتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في الأول من ديسمبر الماضي، وخسرها لصالح منافسة (آداما بارو). «جامع» لم يكن يتخيل أن أربع دول مجاورة لبلاده وهي: السنغال ونيجيريا وساحل العاج وليبيريا، كانت قد تعلمت من مواقف سياسية سابقة واستوعبت دروساً قاسية من زعماء كانوا يرفضون الامتثال لإرادة شعوبهم ويمتنعون عن ترك السلطة أو تسليمها بطريقة سلمية، فالنتيجة كانت دوماً اندلاع العنف. ثلاث دول مجاورة لجامبيا، بذلت جهوداً في إقناع الرئيس الخاسر في الانتخابات بالتخلي عن السُلطة، وهذه الدول أعضاء في مجموعة «إيكواس» أو «الرابطة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» التي تضم15 دولة، والتقت وفودا من هذه الدول بالرئيس الجامبي السابق مرتين، وبعدما فشلت في إقناعه بالرحيل قررت تجهيز قوات لإجباره على الإقرار بنتائج الانتخابات وحصلوا على موافقة من مجلس الأمن الأمن للقيام بتلك الخطوة. الانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع أحد الركائز المهم في العملية الديمقراطية، وهو أمر يعني الكثير لجيران جامبيا، وللأفارقة عموماً، حيث يفضل أكثر من ثلثيهم الديمقراطية. ولدى الصحيفة قناعة بأن سكان جامبيا أثبتوا شجاعتهم بعد تصويتهم ضد «يحيى جامع» الذي ظل في الحكم 22 عاماً، والذي وصل للسلطة عام 1994 جراء انقلاب، وحتى وزراؤه هربوا بعد هزيمته. الآن بات المستبدون في غرب أفريقيا يشعرون بالعزلة، علماً بأن ساسة مستبدين في مناطق أفريقية أخرى مثل زيمبابوي وبوروندي والكونجو يمكثون طويلاً في مناصبهم دون اكتراث من بقية دول القارة. إعداد: طه حسيب