فكرة زراعة أعضاء في جسد مغاير، حلم قديم تم تحقيقه عام 1954، حين أمكن زرع أول كلية من أخ لأخيه ونجحت، وحين قام جراح جنوب أفريقيا كريستيان برنارد بزرع أول قلب لمريضه لويس واشكانسكي، عام 1967، صدم العالم ولم يصدق، وقال إن مركز الفهم هو القلب، فلابد أن الشخص تغيرت مشاعره، وما حدث أن شخصية المتلقي لم تتبدل، وإن لم يعش أكثر من 18 يوما بعد العملية، فاتهم بعضهم الجراح بالكذب كما يتهمون اليوم جراح الأعصاب الإيطالي سيرجيو كانافيرو الذي يخطط لزراعة رأس رجل متعب على جسد شاب قوي ميت الدماغ. لكننا هنا أمام الدماغ، فكيف سيتم قطعه عند الفقرة الرقبية الخامسة، فينقطع تدفق الدم عنه، وهو الذي لا يتحمل ذلك أكثر من خمس دقائق؟ المعضلة الثانية ليست في لحم وإيصال الشرايين والأوردة والمفاصل والعظام والعضلات والأوتار.. فهذه كلها يجب ربطها ببعض من جديد. ليست هذه المعضلة، بل المعضلة في قطع النخاع أو الحبل الشوكي الذي هو «كابل» مخيف من الحبال العصبية الدقيقة برقم مليوني بحيث تتحكم في كل عضلة ومفصل حركة وحسا لكل الجسم. كيف سيمكن التغلب على هذه المعضلة، وكل معلوماتنا أنه لا يمكن رتق النهايات العصبية ووصلها ببعضها البعض، فهي أشبه بألياف المعكرونة؟ نظرياً ينبغي وصل كل ليف عصبي بأخيه، وعلى نحو مجهري دقيق، وبعدد كمبيوتري، بحيث أن ألياف الحس تتصل بألياف الحس، وحسب المناطق وتوزعها، وأليف الحركة توصل بنظيرتها كذلك. نظرياً يعتبر هذا حسب معلوماتنا الطبية مستحيلاً، لكنه يتم بالتعاون مع طبيب ياباني اسمه «سي يون كيم» الذي توصل إلى مادة «بيج = بولي اثيلين جليكول» التي تم تجريبها على الفئران والكلاب بعد قطع النخاع ثم وصل الحبل الشوكي مثل أسلاك الكهرباء النحاسية التي تشبه خصلة شعر بهذا الغراء الذي يوصل النخاع بالنخاع تماما مثل أسلاك الكهرباء النحاسية فتعمل بعد فترة قصرة وتترمم. العملية يخطط لها الآن على قدم وساق، وسوف يكون طاقمها مكوناً من ثمانين شخصاً بين جراح وممرض ومخدر، سوف تستغرق 36 ساعة يتناوب فيها فريقان؛ فريق يقص رقبة سبيريدونوف عند الفقرة الرقبية الخامسة. وآخر ينزع رأساً عن جسد إنسان مات دماغه سريرياً. تبدأ عمليات مفاغرة الشرايين والأوردة وخياطة العضلات وتثبيت العظام ووصل الأوتار، بينما يكون السائل الملحي المبرد قد دخل شريان دماغ فاليري حتى يصل إلى درجة عشر درجات سنتغراد، وأخيراً وبسرعة، يتم قطع النخاع بنصل حاد بدون أي رض. النخاع هنا لا يتكوم على بعضه بسرعة، ثم يوصل النخاع بالنخاع بالغراء الجديد (بيج)، وتكون العملية قد انتهت بعد يوم ونصف. سيرجيو كانافيرو (51 عاماً) يطمع في أكثر من ذلك، إذ يقول إنه سوف يقاوم الموت ويأمل بالنجاح في مقاومته. هل يمكن بعد الآن معالجة أي مريض مصاب بسرطان منتشر، عبر قص جسده وإلقائه وتركيب رأسه على جسد فتى مات دماغه بحادث سيارة، أو جسد عليل كما في عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج؟ الكثير من هذه الأفكار هي ضرب من الجنون، كما يقول الكثير من الأطباء، لكن ألم يتهم الأطباء والعلماء قبله ذات أيام بالجنون؟ علينا الانتظار حتى نهاية عام 2017 لنرى المفاجأة!