في الأسبوع الماضي أعلنت الصين أنها أتقنت صناعة أقلام الحبر الجاف، وهو أمر قد يكون مثيراً للضحك، لكن الصين بذلت جهوداً على مدى سنوات، وتكلفت ملايين الدولارات. وقد تصدر هذا الخبر العناوين الرئيسة للصحف الصينية، ونوقش في البرامج التلفزيونية الحوارية، واحتفل به الصينيون على مواقع التواصل الاجتماعي. وتأمل الصين من هذا الابتكار أن ينعش اقتصادها، ويقفز بها إلى أولى المراتب بين الدول المتقدمة تكنولوجياً، لكن مثل هذه الجهود قد تفاقم معاناة الاقتصاد الصيني، فأقلام الحبر الجاف ليست جديدة بالنسبة للصين، إذ هناك 3000 مصنع لهذه الأقلام تنتج 40 مليار قلم سنوياً. بيد أن أن الصين لا تمتلك آلات قطع الفولاذ اللازمة لصناعة قلم حبر جاف عالي الجودة، لذلك أصبحت الأقلام المصنوعة من مكونات صينية معروفة بنوعيتها المنخفضة، ولهذا قال رئيس الوزراء «لي كه تشيانج»، عام 2015، «إننا لا نستطيع تصنيع أقلام الحبر الجاف التي تجعل الكتابة سلسة»، في إشارة للثغرات والإخفاقات الملحوظة في الصناعة الصينية الهائلة. ووسط ضعف الاقتصاد، بدأت هذه الإخفاقات تحظى باهتمام الحكومة. ففي 2011، أطلقت وزارة العلوم والتكنولوجيا مشروع «بحث وتنمية وتصنيع المواد الأساسية لصناعة القلم»، وخصصت له 9 ملايين دولار، وجندت مجموعة «تايي وان» للحديد والفولاذ الصينية، عملاق تصنيع الفولاذ الصينية. وعلى مدى عقود، ظل صناع السياسة في الصين يفضلون الشركات العامة، مما يأتي بنتائج مؤسفة بالنسبة للاقتصاد. وخلال النصف الأول من 2016، سجلت أكثر من نصف الشركات المملوكة للدولة، وعددها نحو 150 ألفاً، خسائر، رغم أنها تمثل قرابة ربع الدخل الصناعي للبلاد. وفي عهد الرئيس «شي جين بينغ»، تم تعزيز هذا القطاع الذي شكل محور الإصلاح الاقتصادي الصيني، ومن هنا بدأت المشاكل حقاً، فحتى إذا كانت هناك شركة خاصة تريد الاستثمار في إنتاج رؤوس أقلام عالية الجودة في الصين، فإن المخاوف من سرقة التكنولوجيا الجديدة تثنيها عن المضي قدماً، لذلك فإنه من السهل والأكثر ربحية لها الاستمرار في إنتاج أقلام أقل جودة. آدم مينتر: كاتب متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»