توفي الأحد الماضي 8 يناير علي أكبر هاشمي رفسنجاني أحد أكثر السياسيين نفوذاً وتأثيراً على المسرح السياسي الإيراني أو في كواليسه، تولى جميع المناصب القيادية في النظام الإيراني ما بعد الثورة في 1979، إذ تقلد كافة المناصب الرسمية كرئيس لمجلس الشورى ثم كرئيس للجمهورية، وبعد ذلك كرئيس لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وخلال ذلك كرئيس لمجلس الخبراء بين عامي 2007 و2011، وظهر اسمه كأحد المرشحين لمنصب الولي الفقيه بعد الرحيل المتوقع للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية خامنئي. تطرح وفاة رفسنجاني تحديات على النظام الإيراني بخسارة النظام لأحد أعمدته، فلم تخل أي محطة من تاريخ هذا النظام سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية من حضور رفسنجاني أكان فعلاً أو موقفاً، وفقدت إحدى أهم قنوات التأثير على قرارات علي خامنئي، وأحد أكبر الداعمين للرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، كان دوماً ممسكاً بالخيوط من خلف الستار وواعياً للتوازنات والتشابكات، وهو الأمر الذي مكَّنه على الدوام من التدخل في اللحظات الحاسمة والمصيرية للنظام والثورة، وبقي يلعب على حبال الاعتدال الداخلي حتى الرمق الأخير. أعادت وفاة رفسنجاني، التكهنات والترجيحات حول من سيخلف المرشد من جديد، ففيما كانت أخبار الحالة الصحية لخامنئي تتصدر الأخبار وتشغل المهتمين بالشأن الإيراني في توقع وسيناريوهات خلافته جاءت وفاة رفسنجاني مفاجئة خاصة، وإنه كان أحد أهم المرشحين لخلافة المرشد الأعلى لإيران. وتتجه الساحة الإيرانية إلى صراع الشخصيات لخلافة المرشد، وتتحدث تقارير غير رسمية عن دعم خامنئي لـ «إبراهيم رئيسي» كخليفة لرفسنجاني في منصبه كرئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، ويتولى «رئيسي» حالياً ثلاثة مناصب بأمر مباشر من خامنئي، وهي عضويته في «مجلس الخبراء»، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، ومسؤول العتبات في مدينة مشهد. ويطرح اسمه كمرشح أوفر حظاً لخلافة خامنئي لمنصب المرشد الأعلى أيضاً، نظراً للدعم الذي يحظى به من قبل قادة الحرس الثوري ورجال دين متشددين مقربين من المرشد. وهناك عدة مرشحين محتملين منهم: «آية الله مصباح يزدي» الذي يرأس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي في قُم بتعيين من المرشد، وهو محسوب على التيار المحافظ اليميني ومدعوم من «الحرس الثوري»، إلا أن الكثير من آرائه وانتقاداته على صعيد الفقه والسياسة تلقى معارضين كُثرًا داخل التيار الأصولي، فضلًا عن أنه لا يحظى بأي تأييد داخل التيار الإصلاحي. وهناك «صادق لاريجاني»: رئيس السلطة القضائية الذي يحظى بتأييد كبير داخل التيار الأصولي ولديه علاقات قوية أيضاً مع مراجع التقليد. ومن الأسماء المطروحة مجتبى خامنئ، الابن الثاني لخامنئي وصهر «حداد عادل» رئيس مجلس الشورى الرجل القوي الذي يجمع بين تأييد الحرس الثوري وقوات التعبئة «الباسيج»، وعدد لا يستهان به من رجال الدين، في مقدمتهم آية الله مصباح يزدي، لكن أبرز نقاط ضعفه غيابه عن الفضاء العام إضافة إلى صعوبة «توريث ولاية الفقيه». ويأتي كذلك على قائمة المرشحين «آية الله شاهرودي» نائب رئيس «مجلس خبراء القيادة»، الذي يحمل رتبة «مرجع تقليد» وتربطه بمرشد الثورة علاقات قوية، وترأس السلطة القضائية في الفترة (1999 و2009، ويشغل «شاهرودي» اليوم منصب رئيس الهيئة العليا لحل الخلاف وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث في إيران، والتي تشكلت بأمر من خامنئي عام 2011. وهو عضو في «مجلس صيانة الدستور»، و«مجمع تشخيص مصلحة النظام». رغم تراجع نفوذ رفسنجاني في السنوات الأخيرة، فإنه ظل يمتلك من النفوذ ما يكفي للضغط من أجل وجود مرشح أكثر اعتدالاً لخلافة خامنئي، ولكن تظل حقيقة عدم وجود سيناريو محدد ومتفق عليه بشأن الخليفة المحتمل لمرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي قائمة، إذ تؤثر مواقف القوى السياسية والمؤسسات ذات التأثير على هذا الصعيد، وفي مقدمتها مجلس الخبراء، والمرجعيات الدينية في قم. كما لا يمكن إغفال دور الحرس الثوري المستقبلي في تعيين المرشد القادم.