تعزز دولة الإمارات العربية المتحدة حضورها في المشهد الدولي على المستويات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، في إطار بناء علاقات خارجية متوازنة، تراعي استحضار دور حيوي للإمارات بما يخدم مسيرة التنمية المستدامة وتنويع مصادر الاقتصاد والاستثمارات، وبناء علاقات مستقبلية ذات أفق مبشر بالخير للأجيال القادمة، بالتركيز على ما يحقق الاستقرار والسلام والتأسيس لعلاقات متينة تربط الإمارات بالعالم على أسس التعاون المشترك. وفي هذا الإطار، وتتويجاً لتنامي التعاون الاقتصادي المثمر بين الإمارات وجمهورية الهند الصديقة، سيكون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ضيف الشرف الرئيس في احتفالية يوم الجمهورية الهندي أواخر الشهر الجاري. وهذه الزيارة الرسمية لسموه إلى الهند هي الثانية خلال أقل من عام، ويأتي التواصل الدائم بين قيادتي البلدين تعبيراً عن حجم التعاون القائم والمشروعات المتفق عليها إلى جانب اتفاقيات أخرى في انتظار التوقيع. ومن مفاجآت الحدث المنتظر مشاركة نخبة عسكرية من فرقة المشاة الإماراتية في حفل يوم الجمهورية بالهند، في دلالة رمزية تعكس مستوى التواصل الرسمي بين قيادتي الإمارات والهند، وسعياً لمشاركة إماراتية فاعلة في إحياء احتفالية الشعب الهندي بيوم الجمهورية الذي تم فيه اعتماد تفعيل العمل بالدستور الهندي يوم 26 يناير 1950. وبحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لهذا الحدث، إلى جانب المشاركة العسكرية الإماراتية الرمزية في العرض المصاحب للاحتفال بيوم الجمهورية، تقدم الإمارات رسالة حضارية تضاف إلى سجل نجاحات سياستها الخارجية. ففي ظل الصراعات القائمة التي تخيم على الشرق الأوسط وتلقي بظلالها على أمن ورخاء الشعوب، دأبت الإمارات على التمسك بأهداف واضحة في سياستها الخارجية، عنوانها التسامح والتعاون والسعي لتحقيق المكاسب المشتركة والمتوازنة مع مختلف دول العالم. وفي هذا الإطار يأتي التوجه الإماراتي لكسب الهند كحليف استراتيجي ذي ثقل اقتصادي مؤثر على مستوى قارة آسيا والعالم، خاصة بعد تطور التنسيق الاقتصادي والاتفاق على إقامة الكثير من المشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين. لقد استفحلت الإشكاليات الأمنية الداخلية في العديد من الأقطار العربية، مما عطل المنظور الاستراتيجي للعلاقات الخارجية وبناء المصالح الحيوية مع القوى الاقتصادية الصاعدة، ومن ضمنها الهند التي تضعها المؤشرات العالمية في خانة متقدمة وتبشر بالمزيد من التطور في المستقبل. وهذا ما دفع قيادة الإمارات إلى المبادرة بتطوير علاقات نموذجية مع الهند، في ظل وجود قيادة هندية تتمتع بالانفتاح والسعي للتواصل الإيجابي والتعاون الخلاق. وكانت زيارة رئيس وزراء الهند نارندرا مودي للإمارات العام الماضي مؤشراً إضافياً للدفع بالعلاقات الثنائية بين الجانبين إلى مستويات متقدمة. وقبل أن يحين موعد الاحتفال بيوم الجمهورية سوف يعقد مسؤولون من الإمارات والهند حواراً استراتيجياً يمتد لمناقشة قضايا تتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون الاستخباراتي، في سعي مشترك لتعزيز علاقات البلدين بشكل أكبر لتشمل القضايا العالمية والإقليمية، وبخاصة في ظل تنامي خطر الإرهاب على مستوى العالم، في الوقت الذي تساهم الإمارات في مناطق عديدة بقوافل إنسانية وإغاثية، وقبل أيام ودعت عدداً من شهداء العمل الإنساني الذين راحوا ضحية عملية إرهابية غادرة وقعت في أفغانستان، لكن ذلك لن يثني الإمارات عن مواصلة نهجها في ترسيخ الاستقرار وتقديم العون الإنساني للمحتاجين في مناطق النزاعات والكوارث. ومن المتوقع أن تشهد جوانب التعاون والشراكة بين الإمارات والهند الانتقال إلى تحديد مجالات جديدة تتيح للإمارات الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والطاقة والسياحة، وتمهيداً لهذه النقلة كانت الإمارات حاضرة قبل أيام في أعمال الدورة الثامنة من قمة غوجرات الحيوية العالمية في الهند، مشارِكةً بوفد اقتصادي وتجاري موسع. ونختم ببعض الأرقام عن حجم العلاقات الإماراتية الهندية، فطبقاً لإحصاءات رسمية بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الهند نحو 29,36 مليار درهم (8 مليارات دولار)، كما أن الاستثمارات الإماراتية تستحوذ على 81,2% من إجمالي الاستثمارات العربية في الهند، وتأتي في المرتبة الـ11 عالمياً.