على مدار ست سنوات صوت «الجمهوريون» أكثر من 60 مرة لإلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة وإبداله بغيره. وكان شعار «الإلغاء والإبدال» من أعمدة خطب دونالد ترامب. ووعد «الجمهوريون» بأنهم إذا سيطروا على مقاليد الأمور فإن «أول عمل» سيكون الإلغاء والإبدال. والمشكلة الوحيدة هو أنه لا توجد خطة. فلدى «الجمهوريين» مئات الأفكار لكن ليس لديهم خطة بديلة ولا اتفاق آراء حولها. والسياسيون أنفسهم الذين لم يستطيعوا التقدم بخطة جادة في ست سنوات، يبحثون فكرة جديدة وهي الإلغاء الآن ثم الإبدال لاحقاً. ويقولون إنه يتعين علينا الثقة في أنهم سيأتون بخطة في غضون بضعة شهور أو عامين مع وجود مجموعة من «المطبات في الطريق» بحسب تعبير السيناتور «ميتش مكونيل» زعيم الأغلبية «الجمهورية» في مجلس الشيوخ. وكلمة «مطبات» هي تعبير مخفف لفقدان الأميركيين المرضى للرعاية الصحية. وهذا ليس تهوراً وعدم مسؤولية فحسب، بل عدم أخلاقية أيضاً. فقد حصل 20 مليون أميركي على تغطية صحية بموجب برنامج «أوباماكير»، فالبالغون الشباب حصلوا على الرعاية ضمن تغطية الوالدين، واستطاع الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية سابقة الحصول على تغطية بمقدورهم تحمل كلفتها لأول مرة، وتم توسيع برنامج «ميديكآيد» ليغطي أسر ملايين العمال من أصحاب الأجور المنخفضة. وتباطأ ارتفاع كلفة الرعاية الصحية بسبب الإصلاحات الدقيقة التي أدخلت على القانون، والإلغاء دون بديل، سيُعرض ملايين الأميركيين، دون مبالغة، لمخاطر أكبر. إن الأمر يتعلق بالحياة والصحة، والناس سوف يلقون حتفهم إذا انتزعت منهم التغطية الميسرة التي حصلوا عليها حديثاً. وليس من الواضح بالمرة أن الكونجرس يمكنه إقرار خطة تحل محل إصلاح الرعاية الصحية بمجرد الإلغاء. و«الديموقراطيون» سيعارضون جهود النكوص على برنامج «ميديكآيد» وإلغاء الضرائب التصاعدية وتعريض عدد أكبر من الناس للمخاطر. والكونجرس برمته قد يواجه ابتزازاً من «تكتل الحرية» في مجلس النواب وهو تجمع من أقصى اليمين لا يريد إلغاء برنامج «أوباماكير» فحسب، بل أيضاً «ميديكير» و«ميديكآيد». وقد يتحول الإلغاء والتأجيل بسهولة إلى الإلغاء والانهيار. فلماذا لا توجد خطة بديلة؟ ببساطة لأن «الجمهوريين» لم يكونوا غير جادين. وفي المعارضة التي كان يقودها «الجمهوري» بول ريان رئيس مجلس النواب، هاجم «الجمهوريون» برنامج أوباماكير ووعدوا الجميع بتغطية صحية بكلفة أقل وضرائب أقل تدعمها عبقرية الأسواق! ودأب «ريان» وفريقه لسنوات على طرح وعود بتقديم ميزانية تقلص الضرائب والإنفاق دون الإضرار بالشعب- والتفاصيل تأتي لاحقاً- وبتقديم بديل للرعاية الصحية يغطي الجميع بكلفة أقل- والتفاصيل تأتي لاحقاً. ولاحقاً هذا لم يأتِ قط. وما زال «ريان» يقول لاحقاً. ووراء هذا يكمن السر وهو أن أوباما سرق خطتهم، فقد اعتمد قانون الرعاية الميسرة كثيراً على خطة منظمة «هيرتيج فاونديشن» اليمينية التي أدخل عليها ميت رومني تعديلات في ولاية ماساشوستس، وأضاف أوباما إصلاحات عليها لكي يقلص زيادات الأسعار ووسع بشكل أكبر تغطية برنامج ميديكآيد للعمال أصحاب الأجور المنخفضة وغيرها من الإصلاحات لكن بقي لبها كما كان وهو تغطية مجمعة يدعمها تفويض مفاده شمول الجميع بالتأمين. ولإقرار مشروع القانون هذا وكسب ود الجمهوريين، تخلى أوباما عن الخيار الشعبي وأبقى على الفكرة الخاطئة الخاصة بحظر تفاوض الحكومة في الخصومات على مشتريات الكميات الكبيرة مع شركات العقاقير. وفي الآونة الأخيرة، صرح الرئيس المنتخب دونالد ترامب في تغريدة على تويتر أن «الجمهوريين» يجب عليهم توخي الحذر بشأن إلغاء برنامج أوباماكير دون تقديم خطة تحل محله. ولو كان ترامب حكيماً، لوعد باستخدام حق النقض الرئاسي ضد أي عملية إلغاء لا يصحبها خطة جيدة تحل محلها. كاترينا فاندن هيفيل* *رئيسة تحرير وناشرة مجلة نيشان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»