في عام 2013، حطمت الكورية الجنوبية «بارك جيون لي» السقف الزجاجي، لتمنح المرأة الأمل، حين أصبحت أول سيدة تتولى الرئاسة، في مسيرة تحقيق المساواة بين الجنسين في مجتمع يسيطر عليه الذكور بشكل عميق. بيد أن سقوطها السياسي الفوضوي لم يكن تماماً لحظة ضعف بالنسبة للمرأة في كوريا الجنوبية. فبينما ارتفعت نسبة العمالة بين النساء خلال فترة رئاسة «بارك»، إلا أن 40% منهن يعملن بعقود مؤقتة. وفي الوقت نفسه، اتسعت الفجوة في الدخل بين الرجل والمرأة خلال رئاسة «بارك» وأصبحت الأسوأ بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وإلى ذلك، فإن تراجع شعبيتها بشكل كبير، بسبب فضيحة استغلال النفوذ التي جعلت أعضاء حزبها يريدون الإطاحة بها، ساعد على تعميق الصورة النمطية للمرأة في مجتمع كوريا الجنوبية. وتواجه «بارك» اتهامات بالسماح لصديقتها، ابنة زعيم طائفة دينية، بأن تمارس نفوذاً كبيراً على شؤون الدولة، وتبتز الأموال من شركات في كوريا الجنوبية! وتبين أيضاً أن «بارك» كانت تهتم بمظهرها خلال إحدى الأزمات الوطنية، حيث استدعت مصفف الشعر إلى المقر الرئاسي أثناء غرق العبارة «سيول» في عام 2014. ولم تظهر «بارك» علناً لعدة ساعات بعد أن بدأت الكارثة تتكشف، ما عرّضها لانتقادات شديدة كانت أحد الأسباب لتصويت البرلمان بإقالتها في الشهر الماضي. واعترفت «بارك» بأنها استدعت مصفف الشعر أثناء كارثة العبارة، إلا أنها نفت سلسلة من المزاعم الأخرى، بما في ذلك خضوعها لمعالجة تجميلية أثناء غرق العبارة. وقالت «بارك» إن تأخرها في الظهور في ذلك اليوم كان لدواعٍ أمنية. ورفضت أيضاً مزاعم بأن صديقتها تحظى بنفوذ واسع على شؤون الدولة. وربما تكون لهذه الفضيحة تداعيات دائمة. وفي هذا الصدد، قالت «كيم سانج كيونج»، رئيسة الشبكة الكورية للمرأة في الشؤون المالية، إن «الفضيحة هي مشكلة شخصية الرئيسة بارك.. لكنني أخشى أن يتم استغلال إخفاقاتها كذريعة لعدم تعيين النساء في مناصب عليا». واستطردت: «لقد كانت هناك آمال بأن تساعد الرئيسة على كسر السقف الزجاجي في كوريا، لكنني أشعر أن وضع المرأة ازداد ضعفاً». واحتلت كوريا المركز الـ116 بين 144 دولة شملتها دراسة في التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي عن الفجوة بين الجنسين في العالم خلال عام 2016، والذي يقيس الفروق في مجالات مثل المشاركة الاقتصادية والتحصيل العلمي والتمكين السياسي. وجاءت كوريا في مركز منخفض على وجه الخصوص بالنسبة لعدد النساء اللائي يشغلن مناصب وزارية، وكذلك بالنسبة للمساواة في الأجور. وفي عام 2012، وهو العام الذي سبق تولي «بارك» الرئاسة، كانت كوريا الجنوبية تحتل المرتبة 108. كما أظهر التحقيق الحكومي في فضيحة استغلال النفوذ أن «بارك» كانت تتلقى حقناً تحتوي على مستخلصات المشيمة البشرية، حيث قال المكتب الرئاسي إنه يتم استخدامها لأغراض طبية وليست تجميلية. وبينما قالت «بارك» إنها كانت تعمل «بشكل طبيعي» في يوم غرق العبارة «سيول»، أفادت وسائل الإعلام المحلية أن علامات حقن ملء الوجه ظهرت في وقت وقوع المأساة. وتم إيقاف «بارك» عن ممارسة السلطة، بينما تنظر المحكمة الدستورية في اقتراح البرلمان بعزلها. وإذا وافقت المحكمة على ذلك، فسيتم إجراء انتخابات رئاسية بحلول شهر أغسطس المقبل على أكثر تقدير. والمرشحون المحتملون الذين ورد ذكرهم في استطلاعات الرأي كلهم من الرجال. ومن بين القضايا المهمة التي ستواجه الرئيس القادم مسألة التفكير في كيفية إدماج المرأة بشكل أكثر فعالية في الاقتصاد وتشجيع مزيد من النساء على تولي مناصب عليا، بحسب ما ذكر «كينت بويدستون»، محلل أبحاث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن. وقد أعربت منظمات نسائية عن خيبة أملها بسبب تداعيات تصرفات «بارك» على صورة المرأة. وعندما طلب المحامي الخاص بـ«بارك» وضع خصوصيتها كامرأة في الاعتبار عند طلب التأجيل في تحقيق النيابة، في شهر نوفمبر الماضي، أصدرت الجمعية المتحدة للمرأة الكورية بياناً قالت فيه إن هذه التصريحات زادت من التحامل ضد المرأة، وحثت على التحقيق مع الرئيسة. ولم يحدد المحامي ماذا كان يعني بقوله «خصوصية». ويظهر بحث أكاديمي أن الناس يجدون صعوبة بالغة في الربط بين المرأة والمراكز القيادية، بسبب التحيز الضمني ضد المرأة، ولهذا السبب فعلى النساء أن يعملن بجد لكي يحظين بالقبول، وفقاً لـ«يو هاي-يونج»، الأستاذة المساعدة للعلوم السياسية في جامعة «فاندربيلت»، والتي أضافت أن الفضيحة الحالية قد تعمق التحيز الضمني حيال تولي المرأة المناصب القيادية، لأنه يركز الاهتمام على قضايا مثل العلاجات التجميلية وتقليم الشعر. لكن من ناحية أخرى، كانت هناك مجالات للتنمية في عهد «بارك»، حيث وضعت إدارتها نسبة مستهدفة للمديرات في المؤسسات العامة، بلغت 19% هذا العام، مقابل 16% عام 2015. وقد شجعت الإدارة ليس فقط النساء، بل الرجال أيضاً، على الحصول على إجازة رعاية الطفل. جيون لي محللة سياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرغ نيوز سيرفس»