أعاد تعيين «بيتسي ديفوس» وزيرة للتعليم إشعال المعركة القديمة حول سياسة التعليم في أميركا. والواقع أن الجدل محتدم منذ مدة، ليس فقط لأن الأمر يتعلق بمستقبل أبنائنا، ولكن أيضاً لأنه ينطوي على إنفاق أموال كثيرة. وبشكل عام، يدور هذا الجدل بين مَن يدعمون داخل مؤسسة التعليم الوضعَ الراهن لأن لديهم مصلحة مالية في النظام، ومن يسعون إلى تحدي الوضع الراهن لأنه لا يخدم أطفالنا بشكل جيد. وسيحيل الطرفان القضية إلى الجمهور على أمل التأثير على أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيصوّتون على التثبيت في المنصب. وفي ما يلي موقفي الشخصي. أولًا، من المهم جداً أن تسند مهمة الإشراف على وزارة التعليم لشخص غير منحاز مالياً. والواقع أن «ديفوس»، وباعتبارها امرأة أعمال ناجحة، ليست في حاجة إلى هذا المنصب الآن، ولن تسعى إليه لاحقاً. غير أن مؤهلها الرئيسي لشغل هذا المنصب هو أنها تكترث لأطفالنا كثيراً وستقوم بكل ما في وسعها من أجل منحهم مستقبلاً أكثر إشراقاً. وفي هذا الصدد، أسست ديفوس اثنتين من أبرز منظمات إصلاح التعليم في بلدنا، وساعدت على فتح الباب في وجه المدارس المستقلة (charter schools) في ولاية ميشيجن. وشخصياً، أعرفها منذ سنوات عدة، وأعرف أنها ذكية ونشطة وملتزمة وعقلانية. ولهذا، فإن مؤسسة التعليم تعارض تعيينها بشدة. ثانياً، من المهم أن يكون لدينا شخص يتحدى الأفكار التقليدية الشائعة والوضع الراهن. ففي 1970، كان تعليم طفل من الروضة إلى الصف 12 ثانوي يكلّف 56 ألفاً و903 دولارات. وبحلول 2010، ومع أخذنا عامل التضخم في عين الاعتبار، رفعنا ذاك المستوى من الإنفاق إلى 164 ألفاً و426 دولاراً -أي ما يعادل ثلاثة أضعاف تقريباً. وعلاوة على ذلك، فإن عدد الأشخاص العاملين في مدارسنا تضاعف تقريباً. ولكن رغم الاستثمارات الكبيرة، فإن أداء أطفالنا لم يُبدِ أي تقدم تقريباً. ولذلك، فإن مؤسسة التعليم تدعو إلى مزيد من الإنفاق وفصول دراسية أصغر حجماً، بعبارة أخرى، مزيد من المعلمين ومزيد من الأجور. والحال أن المزيد من الأشياء القديمة نفسها ليست هي الحل، مثلما أثبتت التجارب. مجموعات المصالح التي تعارِض تعيين «ديفوس» تتهم المدارس المستقلة في ولاية ميشيجن -خصوصاً مدينة ديترويت- بأنها لم تفِ بوعدها؛ ولكن الدراسات الحديثة تُظهر أن الاختيار والتنافس يؤثّران بشكل إيجابي على تعلم الأطفال في الولاية. فقد وجدت دراسة حديثة لـ«جمعية أكاديميات المدارس العامة» في ميشيجن أن الأطفال في المدارس المستقلة في ديترويت يبلون بلاء أحسن من نظرائهم في المدارس العامة التقليدية في كل المواد التي اختُبروا فيها خلال التقييم السنوي للولاية. وإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة حديثة لجامعة ستانفورد أن الأطفال في المدارس المستقلة في ديترويت يُظهرون تحسناً أكاديمياً أكبر، إذ يكسبون شهرين من التعلم في الرياضيات والقراءة في السنة، مقارنةً مع طالب المدرسة العامة العادية في المدينة. لقد أردتُ تحسين مستوى مدارسنا عندما كنت حاكماً لولاية ماساتشوسيتس، فقالت لي مؤسسة التعليم إنه لبلوغ هذا الهدف يجب عليَّ تقليص حجم الفصول الدراسية وزيادة التمويل. وبصراحة، كان هذا الرأي يتناغم مع أفكاري وتصوراتي المسبقة. ولكني قمتُ بعد ذلك بدراسة البيانات، وقارنَّا متوسط حجم الأقسام الدراسية والإنفاق في كل واحدة من مناطقنا التعليمية التي يفوق عددها الـ300 مع الأداء الأكاديمي لطلابها، فكانت المفاجأة، إذ تبين أنه لا توجد أي علاقة البتة، إذ لم تسجل المناطق ذات فصول دراسية أصغر حجماً وإنفاقاً أكبر نتائج طلابية أفضل. لا بل إن المنطقة التعليمية ذات أصغر فصل دراسي وأكبر إنفاق للطالب في المتوسط جاءت في المراتب العشرة الأخيرة لتحصيل الطلاب في اختبارات الولاية. إن الحلول الرامية إلى تحسين مدارس بلادنا ستأتي من أشخاص لا مصالح مالية لديهم ويدرسون أنجح الأنظمة التعليمية في أميركا والعالم. وقد أجرت مؤسسة «ماكينزي آند كو» مؤخراً دراسة من هذا القبيل وخلصت إلى أن الإنفاق وحجم الفصول الدراسية ليسا هما اللذين يحدّدان نجاح نظام تعليمي. وفي المقابل، فإن العوامل مثل الجودة والتحصيل الدراسي للمعلمين هي الأهم. ولا غرو في ذلك، لأن المعلمين هم من يُحدِثون الفرق. والحق أنني سعيد جداً لأن شخصاً بقدرات «بيتسي ديفوس» وتفانيها وعدم انحيازها المالي ترغب في إجراء تقييم نزيه وصريح لمدارسنا. غير أنه يجب إنهاء عقود من ممارسة الوصفات القديمة نفسها. ولا شك أن مؤسسة التعليم والمدافعين عنها ستحتج كثيراً على نحو يمكن تفهمه، ولكن مصالح أطفالنا هي التي يجب أن تنتصر في الأخير. الإنفاق وحجم الفصول الدراسية ليسا هما اللذين يحدّدان نجاح نظام تعليمي. وفي المقابل، فإن العوامل مثل الجودة والتحصيل الدراسي للمعلمين هي الأهم. مت رومني *حاكم سابق لولاية ماساتشوسيتس ومرشح «جمهوري» سابق للانتخابات الرئاسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»