نموذج تنموي حضاري متفرد، قادر على الدمج والمواءمة بكل براعة بين أن يكون عصرياً ومتطوراً إلى أبعد الحدود، وفي الوقت ذاته، أصيلاً متجذراً في عمق القيم الجليلة المتوارثة عن أجيال الآباء والأجداد، النابعة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والشيم العربية الحميدة. هذا هو النموذج الإماراتي الذي يُشار إليه بالبنان في مشارق الأرض ومغاربها، لما تم تحقيقه خلال عقود قليلة تلت تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في سبعينيات القرن العشرين، من إنجازات ضخمة وساطعة في الميادين كافة، ملهمةً العديد من الشعوب والدول حول العالم، ومحركةً فيهم مشاعر الغبطة وبواعث العمل والجد والمثابرة للارتقاء نحو المستقبل الأفضل للبشرية جمعاء. إن دولتنا الحبيبة وهي تسابق الزمن لتسريع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها، وصولاً إلى تحقيق «رؤية الإمارات 2021» الرامية إلى تتويجها كواحدة من أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد، تدرك كل الإدراك بفضل الحكمة الكبيرة لقيادتنا الرشيدة، ممثلةً في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن الحفاظ على المنظومة الاجتماعية المتميزة التي تمكنت الدولة من إيجادها على مرّ السنوات هو صمام الأمان الأول للمسيرة التنموية، حيث إن ما يتمتع به مجتمع الإمارات بمختلف مكوناته وبما يحتضنه من أبناء أكثر من مئتي جنسية، ولله الحمد، من أمن وأمان واستقرار وعيش كريم وأرقى قيم التسامح والتعايش والانسجام والعدالة والمساواة، هو ركن الأساس للنهضة المتواصلة التي تعيشها الدولة، والبيئة المحفزة للمضي قدماً نحو الأمام. هذه الفلسفة التنموية الإماراتية القائمة على أن الرهان الحقيقي هو على الإنسان الإماراتي، وعلى قدرته عبر الأجيال المتعاقبة الحفاظ على مكتسبات الوطن وصورته المشرقة في المنابر الإقليمية والعالمية كافة رغم كل التحديات الراهنة والمستقبلية، لم يكن لها أن تتبلور لولا حرص قيادتنا الحكيمة على مواصلة نهج الآباء المؤسسين في الاستثمار في بناء المواطنين والمواطنات وتحصينهم بمبادئ الهوية الإسلامية والوطنية، والأخلاق الإماراتية الأصيلة ليظل «البيت المتوحد» عصياً على مكائد الكائدين، وفتن أصحاب الفكر المتطرف الذين يحاولون دس سمومهم التضليلية في أوساط أبنائنا وبناتنا من فئة الشباب على وجه التحديد. ومن هذا المنطلق، جاء إدراج مادة التربية الأخلاقية في مناهج ومقررات مجلس أبوظبي للتعليم، تجسيداً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، حيث تقوم المادة على خمسة محاور رئيسية تتمثل في: الأخلاقيات والتطوير الذاتي والمجتمعي والثقافة والتراث والتربية المدنية والحقوق والمسؤوليات، كما تهتم بترسيخ الخصائص الأخلاقية والقيم بين طلبة المدارس وتعزيز التسامح والاحترام والمشاركة المجتمعية وتنمية روح المبادرة والتفاعل الإيجابي. ومؤخراً، أنهى مجلس أبوظبي للتعليم استعداداته للتطبيق التجريبي لمادة التربية الأخلاقية في مدارس المجلس الحكومية والخاصة، بدءاً من الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي الحالي، حيث نظم المجلس، بالتعاون مع ديوان ولي عهد أبوظبي برنامجاً تدريبياً للمرحلة التجريبية لتطبيق مادة التربية الأخلاقية شمل 9 مدارس وحضره 25 معلماً ومعلمة،، وذلك بهدف رفع الكفاءة المهنية للمعلمين، وإكسابهم المعارف والمهارات لتطبيق مادة التربية الأخلاقية وفق التوجهات المرسومة لها. إن تضمين مادة التربية الأخلاقية في المناهج، بما يمثله من مبادرة استثنائية في مسيرة التعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة، وإذ يعكس مدى وعي ويقظة قيادتنا الرشيدة لضرورة تحصين أبنائنا في ظل التحديات المتصاعدة التي تعصف بالمنطقة والعالم، وتأمين العبور الآمن للأجيال الإماراتية اللاحقة إلى مستقبل أكثر ازدهاراً، فإنه يمثل بلا شك خطوة بالغة الأهمية لتعزيز القيم المجتمعية الأصيلة في وقت باتت فيه المشكلات المتزايدة من حولنا تمثل تهديداً حقيقياً للكثير من الثوابت والأخلاقيات العامة. وفي هذا السياق، قال معالي الدكتور علي راشد النعيمي، المدير العام لمجلس أبوظبي للتعليم، إن «مادة التربية الأخلاقية تعكس رؤية القيادة في بناء شخصية المواطن المتكامل المعتز بهويته وأخلاقياته»، مؤكداً أن «دور المعلم والطالب اختلف في عصر الثورة المعلوماتية، فالمعلومات متوافرة بكثرة حولنا، ولكن نريد صقل الشخصية الطلابية التي لديها حس ووعي أمني ووطني عالٍ لتنفتح على المجتمع بأخلاق ووعي». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية