(ستكون سنة 2017 هي الأنسب والأفضل للتواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة في ملف سياسة الشرق الأوسط).. هذه واحدة من عدة توقعات جرى طرحها في المنتدى الاستراتيجي العربي الذي عقد في دبي في نوفمبر الماضي. توقعٌ طلع به علينا بعض الأميركيون ممن خبر سياسة بلاده أولاً، وخبر مخاوف العرب ثانياً، بعد أن أمضى فترة طويلة بينهم، تعرّف خلالها طرائق تفكيرهم وهواجسهم. هذا النوع من المهتمين الأميركيين، نمَّى لديه مجسات يتعرف بها إلى الرغبات السياسية لدى العرب، رغبات يودون من الإدارة الأميركية الجديدة مساعدتهم على تحقيقها كلها، أو في الأقل، نسبة كبيرة منها. كلام كهذا قد يكون غير متوقع لدى بعضنا من العرب، خصوصاً هؤلاء الذين قرروا مبكراً أن دونالد ترامب الذي سيُنصّب رئيساً في العشرين من الشهر الجاري، لن يكون (صديقاً) للعرب وتحديداً دول منطقة الجزيرة والخليج العربية، وهي التي تمر بفترة سياسية- اقتصادية غير عادية لأسباب عدّة من بينها تدهور أسعار النفط، وارتفاع قائمة الالتزامات الدولية بما فيها المساعدات الإنسانية، وأمور أخرى لا مجال للخوض فيها. يرى البعض العربي أن الرئيس الأميركي القادم لن يكون (صديقاً) للفلسطينيين أيضاً، ما يجعل القضية الفلسطينية تدخل في سبات أطول مما هي فيه حالياً، دعّم ذلك إشارات صدرت عن الرئيس ترامب صدمت الفلسطينيين والعرب في شهر يناير الحالي، منها ما غرد به ترامب على حسابه الشخصي في (تويتر)، بخصوص القرار الأممي الذي اتخذه مجلس الأمن بإدانة إسرائيل في توسعها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعني إيقاف الاستيطان، ليس لأنه غير شرعي ومخالف للقوانين والقرارات الدولية فقط، بل كونه لا يخدم أي مفاوضات سلام (منتظرة) بين الطرفين. البعض الأميركي ممن اعتقد (بثقة) أن الرئيس ترامب سيكون (جيداً) لمن يتصل به و(يجالسه) ليبحث معه على نحو مكشوف: ما الذي تريده أميركا؟ وما الذي يريده منها الطرف الآخر؟ أياً كان مستوى الطرف الآخر سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. هذا البعض المهتم يضيف أيضاً بأن أميركا في السنة الجديدة 2017 لن تزيد في دعمها للجهود الحربية في اليمن، إلا إنها بالمقابل لن تعارض إنجاز المهمة بالطريقة التي تراعي المصالح اليمنية الخليجية وفقاً للمرجعيات الثلاث. كما أنها- أميركا- ستُصعّد من لهجتها الخطابية ضد إيران، لكن لن تكون هنالك إعادة تفاوض في الاتفاق النووي. وإن ما قاله ترامب في بداية حملته الانتخابية حول (المطالبة بمقابل مالي للضمانات الأمنية الأميركية في منطقة الجزيرة والخليج العربية) سيثبت أنه كان (غير دقيق) بل غير سليم، لكنه سيستبدله بالضغط على بلدان منطقة الخليج والجزيرة، للإسهام في الملفين السوري والعراقي وبما يتوافق مع الرؤية الأميركية أكثر من رؤية (أهل مكة). هل رأينا كيف أن الشخص قبل الانتخابات الأميركية ليس هو بعدها؟ إن هنالك نفقاً قصيراً زمنياً لكنه مؤثر ومهم، يحتوي آلاف (الفلاتر- المصفّيات)، يدخله الشخص، المرشح للرئاسة الأميركية، بحال ثم يخرج منه بحال أخرى مختلفة تماماً عن الأولى.