قالت مصادر في وزارة الطاقة الأميركية إن نظام توزيع الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة «معرّض لخطر كبير»، بسبب الهجمات الافتراضية الإلكترونية، وإن البوادر الأولى لهذا الخطر أصبحت تتكرر وفق وتيرة متزايدة وأكثر تعقيداً. وقال خبراء متخصصون بتشغيل الشبكات إنهم يعالجون المشكلة على أعلى مستوى. ونشرت «مجلة الطاقة» الفصلية التي تصدرها الوزارة، تقريراً مفصلا تضمن تحذيراً من أن ظاهرة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، التي تزداد انتشاراً جرّاء القرصنة الإلكترونية، يمكنها أن تقوّض «البنية التحتية الدفاعية الأساسية»، وأن تصيب الاقتصاد بضرر فادح، وتهدد صحة وأمن ملايين المواطنين. وجاء هذا التقرير على خلفية القلق المتزايد من أخطار القرصنة الإلكترونية عقب نشر الوكالات الأمنية الأميركية معلومات حول «القرصنة الروسية» للتأثير على سير الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016. وورد في التقرير الذي يقع في 494 صفحة، الفقرة التالية: «إن الأخطار التي يتعرض لها النظام الكهربائي، والناتجة عن الهجمات الافتراضية، تتزايد من حيث قوتها ورقعة انتشارها ومدى تعقيدها وتكررها. وتشهد منظومة الأمن الافتراضي الوقائي عوامل تهديد تتميز بتطورها السريع وخطورة نتائجها، فضلاً عن تأثيرها في إبطاء عملية نشر الأنظمة الدفاعية». ونشرت الوزارة 76 توصية تهدف إلى ضمان تدفق الطاقة. من أهمها، تطوير وسائل تعقّب مخالفي طرق استخدام البيانات الصادرة عن شركات التوزيع على الإنترنت. وطالبت توصية أخرى بزيادة الضرائب من أجل بناء مفاعلات نووية جديدة. وأشار التقرير إلى أن مجمل المتطلبات الاستثمارية الضرورية لعصرنة شبكات توزيع الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة تتراوح بين 350 و500 مليار دولار. والشيء الذي أثار كل هذه المخاوف التي يتعرض لها النظام الإلكتروني لتوزيع الكهرباء، يتعلق بعملية قرصنة على الإنترنت تم اكتشافها الأسبوع الماضي على حاسوب شخصي في إحدى شركات توزيع الكهرباء بولاية فيرمونت. ورغم أن الحاسوب المذكور لم يكن متصلاً بالشبكة الكهربائية، فإن شركة التوزيع سارعت إلى إشعار سلطات الولاية بخطر هذا الاختراق الإلكتروني. وأمام خطورة الوضع، باتت الحاجة ماسّة لإجراءات جديدة معدلة لحماية الشبكة وتطوير أساليب جمع البيانات حول الهجمات الافتراضية وخطورتها على النظام الإلكتروني لشبكات التوزيع من أجل التوصل إلى تقييم دقيق لهذه الأخطار. ورغم عدم تسجيل هجمات خطيرة حتى الآن في الولايات المتحدة، فإن تقرير وزارة الطاقة أشار إلى هجوم حدث عام 2015 على الشبكة الأوكرانية لتوزيع الطاقة الكهربائية وأدى إلى انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي. وأشار التقرير إلى أن ذلك الحادث «لا يجوز النظر إليه كمقياس على ما يمكن أن يحدث في أميركا». ودعا التقرير وزارة الطاقة في إدارة دونالد ترامب إلى تقييم وضعية الأمن الافتراضي لخطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي لأنها قد تتعرض لخطر مماثل. وقالت شركات تشغيل الشبكات إنها عمدت إلى الرفع من مستوى المعايير الأمنية لشبكاتها، بما في ذلك تشييد منشآت إضافية متخصصة بمعالجة أخطار الهجمات الافتراضية. وقال «مارسيا بلومبيرج»، الناطق باسم إحدى شركات التوزيع: «نحن نعمل بشكل متواصل على تطوير المعايير الأمنية بالتوازي مع تطور الأخطار الناجمة عن الهجمات الافتراضية. كما أننا نواصل مراقبة حالة النظام الإلكتروني ونتبادل المعلومات المهمة في هذا الشأن مع الكيانات القانونية والصناعية». وسبق لشركات توزيع في الولايات المتحدة أن تعرضت لحوادث افتراضية مثل الهجمات بالبرنامج الخبيث «رانسوم وير» ransomware أو «البرمجيات الخبيثة لدفع الفدية» التي تعرضت لها رابطة تعاونية ريفية لتوزيع الكهرباء في الولايات المتحدة. والسؤال المهم هنا: كيف يمكن حقن نظام التوزيع بالبرمجيات الخبيثة؟ للإجابة عن هذا السؤال، قال «باري لوسون»، الخبير في أنظمة توزيع الطاقة، خلال مؤتمر صحفي: «عادة ما يحدث ذلك عن طريق البريد الإلكتروني بإرسال رسالة ضمنية attachment أو رابط ينقل معه البرنامج التطبيقي الخبيث ويبثّه في الشبكة الإلكترونية لنظام التوزيع. وبعد إتمام هذه الخطوة، تنغلق الشبكة. وحتى تعود إلى العمل مجدداً، يكون على الشركة المعنية إما أن تدفع الفدية لمجرمي العصابة التي تشغّل البرنامج الخبيث، أو أن تعمل على معالجة الأمر بأساليبها الإلكترونية المعقدة، وهو عمل قد يستغرق وقتاً طويلاً، ويكلف من الأموال بقدر الفدية ذاتها». ورفض «لوسون» تحديد عدد المرات التي تعرضت فيها الشبكات لهذا الهجوم، لكنه أشار إلى أن شركات التوزيع كانت تتمكن من العودة إلى العمل في الوقت المناسب. آري ناتير ومارك شدياق: محللان أميركيان متخصصان في سياسة الطاقة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»