مساء يوم الاثنين 19/12/2016 اقتحمت شاحنةٌ سوقاً لهدايا عيد الميلاد بوسط برلين، ودهست المتسوقين، ووقع ضحية لذلك العمل الإجرامي 12 شخصاً. واشتبهت سلطات الأمن الألمانية في شخص من الجنسية التونسية يدعى «أنيس العامري» كمتهم محتمل، لكنها لم تعثر عليه. وبعدها بثلاثة أيام أعلن وزير الداخلية الإيطالي أن «أنيس» قُتل برصاص الشرطة بمدينة «ميلان» الإيطالية. وذكرت مصادر أن بصمات أصابع القتيل طابقت بصمات «أنيس العامري» المأخوذة من الشاحنة التي استُخدمت في عملية الدهس. بعدها أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الحادث. الصحف الألمانية علّقت بالقول إن ألمانيا أصبحت محط أنظار «داعش»، لدورها في محاربة الإرهاب، ولدعمها قوات «البشمركة» الكردية بشمال العراق في محاربة «داعش». وبرزت عدةُ أسئلة حول نجاعة قرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بفتح حدود بلادها أمام آلاف اللاجئين منذ سبتمبر 2015، رغم أن كثيرين منهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية وربما قد أتلفوها عمداً! وألقى كثير من الألمان باللائمة على ميركل لفتحها أبواب ألمانيا أمام اللاجئين الذين دخلوها دون أوراق ثبوتية، بمن فيهم الإرهابيين! والسؤال هو: ماذا يريد هؤلاء الإرهابيون من الدول الغربية التي وفّرت الملاذ الآمن والغطاء والطعام لآلاف السوريين، ومن اندسَّ بينهم، وحمتهم من نظام أمعنَ في قتلهم وتشريدهم؟ ولماذا يقوم مسلمون بتلك العمليات الإرهابية غير المُبرَرة؟ وما الفائدة من قتل طفل يشتري هدية عيد الميلاد لوالديه أو العكس؟ وما الفائدة من ترويع سياح، بينهم مسلمون وعرب، وقتلهم بطريقة بربرية، مما يعود سلباً على القضايا الإسلامية؟ وهل يُلام الشعب الألماني- الذي قدّم الكثير إلى هؤلاء اللاجئين- إن اعترضَ على قرارات حكومته بفتح الباب على مصراعيه، حيث تدخل العصابات الإرهابية التي لا تحب الحياة ولا ترى في الوجود شيئاً جميلاً؟ وماذا لو دعا الشعب الألماني حكومته إلى مراجعة سياستها بهذا الشأن، بعد الحوادث الإرهابية المتكررة في عدة مدن ألمانية؟ وهل يُلامُ الأوروبيون عندما يشعرون بالغضب حيال تلك الهجمات الإرهابية وينددون بمرتكبيها، ويطالبون حكوماتهم باتخاذ إجراءات مشددة ضد دخول العرب والمسلمين!؟ إن الحفنة الإرهابية من «داعش» وغيره، إذ يقضّون مضاجع الآمنين في بلدانهم، ويُعرّضون إنجازاتهم الحضارية للتخريب، ويُقلقون الأمن وراحة الأطفال.. فإنهم في الوقت ذاته يُسيئون إلى العرب والمسلمين الآخرين، الذين يتعالج بعضهم في أوروبا، أو يتابع دراسته، أو ينشد الراحة والاستجمام. نحن نأسف لما حدث للسياح في ألمانيا وغيرها، خصوصاً أن إخواننا المسيحيين على أعتاب الاحتفالات بأعيادهم السنوية، وهي مناسبة يجب أن يحترمها الجميع، وبالأخص من «يدّعون» أنهم مع الله ويُحبونه ويدافعون عن الأمن والأمان والعدالة ونشر المحبة في العالم. كما نتألم لصراخ طفل، ولنكبة عائلة بقتل عائلها.. وهم يعيشون في أمان ومحبة في بلد ديمقراطي لم يعرف زوار الليل، ولا عصابات نهب البلدان، ولا التطرف المذهبي. إن هؤلاء النفر من اليائسين من العرب والمسلمين، الذين لفظتهم بلدانهم، و«تعقّدوا» من الأمن والإشراق والحياة وإعمار الكون، ولقوا الجنان في أوروبا، بعد أن ذاقوا الويلات وعذابات السجون في بلدانهم.. عليهم أن يشكروا الله بأن هيأ لهم من يداوي جراحاتهم، ويقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وأن يُحسنوا ردَّ الجميل إلى الشعوب التي خدمت البشرية بعلمائها وفنانيها وأدبائها، وأن يُتقنوا الأعمال التي توفّر لهم العيش الكريم ولأبنائهم في المستقبل.. لا أن يتسببوا في قتل الابتسامة على وجوه الأطفال، وترويع الناس في المدن الآمنة. وعلى الحكومات العربية والإسلامية والاتحادات والنقابات وجمعيات النفع العام، أن ترفض تلك الأعمال وتُدينها دونما وَجل. لقد تمادت الجماعات الإرهابية في غيّها، وأوصلت رسائلها «البائسة» والخاسرة إلى جميع سكان العالم.