هل بالإمكان تدشين حلف بين ترامب وبوتين في المستقبل؟ وهل يمكن أن يدخل الرئيس دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اللذان يتبادلان الإعجاب رغم الاختلافات الإيديولوجية بينهما، في معاهدة عدم اعتداء صريحة ومباشرة تتعهد بمقتضاها الولايات المتحدة وروسيا بـ«الامتناع عن القيام بأي عمل عنف، وأي عمل عدائي، وأي هجوم على أحدهما الآخر، سواء بشكل فردي أو بالاشتراك مع قوى أخرى»؟ ترامب أعلن عن رغبته قائلًا :«أريد أن أكون على وئام مع روسيا». كما يرغب في التعاون مع الكريملن حول جملة من الملفات، من العمليات المشتركة ضد الإرهاب، وخاصة ضد «داعش»، إلى مواجهة الانتشار النووي وتحركات إيران وكوريا الشمالية. أما بوتين، فإنه قلقٌ ومتوجسٌ جداً من «الناتو» ويرغب في كبح الحلف على حدوده الغربية أكثر من أي شيء آخر. ونفور ترامب من «الناتو» هو بالضبط ما يحتاجه بوتين لوقف التوسع الغربي في أوروبا الشرقية. كما أن آفاق التعاون الاقتصادي الذي يمكن أن ينتج عن مثل هذا الاتحاد مبهرة. والأكيد أن دفئاً في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا سيصب في المصلحة الشخصية والسياسية للزعيمين. بيد أن ميثاقاً بين ترامب وبوتين لن يكون غير مسبوق، إذ سبق للعالم أن شهد زواج عدوين متبادلين، وإنْ كان الزواجُ الذي كان سلفُ روسيا أحدَ طرفيه لم يكلّل بالنجاح. ففي 1939، كانت نذر الحرب تلوح في الأفق. على تلك الخلفية، عقدت ألمانيا والاتحاد السوفييتي، العدوان اللدودان، اتفاقاً وقع عليه وزيرا خارجيتهما، «يواخيم فون ريبنتروب» و«فياشيسلاف مولوتوف» على التوالي، يتعهدان فيه بالعمل على مدى عشر سنوات بالقضاء على تهديد الحرب و«الامتناع عن أي عمل عنف، وعمل عدائي...». كما عقدا اتفاقية جانبية اتفق بموجبها الألمان والسوفييت على تقسيم بولندا بينهما وإطلاق يد الاتحاد السوفييتي في جنوب شرق أوروبا والبلطيق، مقابل أن تحصل ألمانيا على ما تريده في ليتوانيا. بيد أن العالم ذهب إلى الحرب في النهاية، وأدى ميثاق هيتلر- ستالين إلى الحرب العالمية الثانية، الحرب العالمية الأكثر دموية في التاريخ. فهل ستأخذنا علاقة ترامب وبوتين ورغبتهما المتبادلة في السلطة، ومجالات النفوذ، والحضور الكبير على الساحة العالمية إلى حيث لا ينبغي أن نذهب؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»