ما أنجزته دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار العقود الماضية، ومنذ قيام اتحادها في مطلع عقد السبعينيات من القرن العشرين، هو بلا ريب لا يمكن حصره في موضع واحد، أو مشهد بعينه دون غيره، بل إن الإنجازات الإماراتية يميِّزها العديد من السمات، التي هي على قدر كبير من الأهمية، ومن بينها ميزات الشمول والتنوع والتوازن، بل إن تلك الإنجازات تتمتع بميزة جوهرية نادرة، هي القدرة على الاستدامة والاستمرار، ويعود ذلك إلى حدٍّ بعيد إلى القدرة الاستثنائية التي تمتعت بها الإمارات في توظيف إمكانياتها وما تملكه من موارد طبيعية واقتصادية وغيرها بالشكل السليم، وبالطريقة التي تمكِّن الدولة من الانطلاق بسرعة، وفي الاتجاه السليم نحو أهدافها وغاياتها الشاملة. وقد مثلت رؤية القيادة الرشيدة حجر الزاوية بالنسبة إلى الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار تاريخها، سواء كان ذلك في عهد المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- الذي قاد مرحلة التأسيس، أو كان في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- قائد مرحلة التمكين. ومنذ انطلاق ملحمة التنمية على هذه الأرض الطيبة تمكَّنت الدولة من الارتقاء إلى المراتب الأولى في الكثير من المجالات على المستويَين الإقليمي والعالمي، في طريقها نحو التربُّع على قمة الترتيب العالمي في المجالات والمؤشرات كافة، بحلول عام 2021، ولدى احتفالها باليوبيل الذهبي لقيام اتحادها. وفي هذا الإطار، فقد صدرت مجموعة من المؤشرات ذات الأهمية الخاصة في هذا الصدد خلال الفترة الأخيرة، ففي سياق إطلاق تقارير «مؤشرات الأجندة الوطنية»، تم إعلان تربُّع دولة الإمارات العربية المتحدة على قمة الترتيب العربي في مؤشر الأمن وتحقيق الاستقرار وحماية حياة المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم، إذ إنها حصلت على نسبة 99.34% في هذا المؤشر، وهي النسبة العُليا عربياً، وهو ما يشير إلى أن الازدهار التنموي، الذي حققته الإمارات، ممزوج بحالة استثنائيَّة من الأمن والاستقرار، بما يسمح لمواطني الدولة وسكانها جميعاً بالعيش حياة كريمة، تتعدَّد ميزاتها، بما في ذلك من ارتفاع مستويات الدخول، وكفاءة الخدمات كالتعليم والصحة، وتطوُّر المرافق العامة، وغير ذلك، في الوقت نفسه، الذي يأمنون فيه على حياتهم وممتلكاتهم، بل يستشعرون الطمأنينة على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، بعيداً عن المخاطر الأمنية المباشرة، أو المشكلات التي تعانيها المجتمعات غير المستقرة بشكل عام. إن حالة الأمن والاستقرار، التي تنعم بها دولة الإمارات العربية المتحدة، ترتبط بشكل مباشر بقضية أخرى لها أهمية كبيرة في إحلال هذا الأمن والمحافظة عليه، وهي قضية التلاحم المجتمعي، ويمكن القول إن المجتمع الإماراتي، الذي يضمُّ بين جنباته أبناء أكثر من مئتي جنسية، يأتون من خلفيات ثقافية واجتماعية ودينية مختلفة، ينعم بتلك الحالة من الأمن والاستقرار نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها التلاحم الاجتماعي، الذي نتج بدوره عن انتشار مجموعة من القيم الإيجابية بين الأفراد، وهي كما أشار إليها «مؤشر التلاحم المجتمعي» المعلَن مؤخراً أيضاً، تتضمَّن المبادئ والقيم المرتبطة بالهوية الوطنية، والتكافل الاجتماعي، والشراكة المجتمعية بين جميع مكوِّنات المجتمع في الدولة، معتمِداً على أسس رئيسية هي التماسك الأسري، والتعليم، والثقافة، والمساواة والعدالة، والأمن، والمشاركة الاجتماعية، والانتماء الوطني، وقد حققت الدولة نسبة 93.11% خلال عام 2015. وبهذه الإنجازات تخطو دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى ثابتة على طريق التنمية الشاملة والمستدامة، بجهد وعزم وإرادة لا تلين، وطموح غير محدود، من أجل وضع اسمها في المكانة التي تليق بها وبشعبها بين الأمم والشعوب الأكثر تطوراً وتقدماً حول العالم. ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.