«نأمل بهذه الانتصارات أن يفهم الرئيس الأميركي الجديد رسالة تحرير حلب» ما تقدم هو أحد مفرزات المنظور الإيراني لنتائج المعارك في حلب وإسقاطها ليس على سوريا فحسب، وإنما على المنطقة ولا مانع كذلك من إرسال رسالة للغرب. نسير مع القارئ الكريم في هذا المقال لاستعراض تلك القراءات، فمع نتائج المعارك الأخيرة في حلب، والانهيار التام للمعارضة في مقابل قوات النظام السوري المدعومة من روسيا وإيران و«حزب الله»، بدأ مسؤولو النظام الإيراني يطلقون التصريحات التي يتضح فيها تجاوزهم لسوريا والانتقال لملامسة قضايا أخرى. جاءت الانتصارات في حلب كما يرى «علي شمخاني»، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي باعتبارها انتصاراً للشعب السوري والقوات السورية، غير أن ذلك لا يعني أنه كان مرهوناً بذلك فحسب، بل نستشف من حديث العميد «يد الله جواني» مستشار ممثل المرشد في الحرس الثوري أن ذلك الانتصار جاء نتيجة العوامل المتمثلة في جبهة المقاومة (إيران وحزب الله) والحكومة السورية والشعب والجيش وحلفاءها (روسيا). ينطلق بعدها مستشار المرشد وقائد الحرس الثوري السابق ليعطي لأحداث حلب بُعداً آخر، معتبراً أن التحالف بين إيران وروسيا وسوريا و«حزب الله» اللبناني أدى إلى تحرير حلب، وهو ما سيدفع إلى تحرير الموصل قريباً. ويعزي مسؤول العلاقات العامة بـ«الحرس الثوري» أهمية هذا الانتصار انطلاقاً من تحول مدينة حلب إلى مدينة استراتيجية ورمز إما للانتصار أو الهزيمة لطرفي النزاع، وفي النهاية «سُجل الانتصار»- كما يقول- باسم «المقاومة الإسلامية» والجيش السوري وحلفائه. ولما كان المنظور الإيراني للقوى المعارضة في سوريا على أنها تنظيمات إرهابية، فكان من الضروري الاستمرار كما يرى «علي ولايتي» مستشار المرشد الإيراني في الحفاظ على هذه الانتصارات باعتبار أن الأعداء كما يصفهم سيبذلون مزيداً من الجهود لهزيمة المقاومة، وهذا ما يفسر لنا امتعاض النظام الإيراني من إصدار مجلس الأمن الدولي القرار رقم (2328) والمتعلق بنشر فريق مراقبين في مدينة حلب للإشراف على إجلاء المدنيين النازحين منها من دون توقف أو عراقيل من أية جهة، فبالإضافة إلى كبحه رغبة النظام الإيراني في القضاء على المعارضة، فإنه كما يراه «شمخاني» يدفع بوجود عناصر استخبارية داعمة للإرهاب. تنتقل تصريحات مسؤولو النظام الإيراني لتأخذ نتائج المعارك في حلب إلى مجالها الإقليمي، وضمن هذا الإطار، يرى رئيس البرلمان الإيراني أن هذا «الإنجاز الثمين» سيكون مقدمة لانتصارات أكبر على الإرهاب والتطرف في المنطقة، ليضيف بعدها رئيس السلطة القضائية بالقول إن تحرير حلب، أوجد متغيرات أساسية في معادلات المنطقة. أما كاظم صديقي خطيب صلاة الجمعة المؤقت في طهران فقد اعتبر أن التغييرات الأخيرة في مدينة حلب ستلقي بظلالها على المنطقة بشكل مؤثر، ويدعو الدّبلوماسيّة الإيرانيّة بأن ترتقي إلى مستوى الإنجاز الميداني الّذي حقّقه الحلفاء في سوريا. وتطلعاً لاستثمار المتغيرات في سوريا، يأمل «رحيم صفوي» مستشار المرشد العسكري في تداخل هذه الانتصارات مع عمليات الحكومة العراقية في تحرير الموصل، وفي النهاية تختتم هذه الانتصارات أيضاً باليمن، وهو ما سيدفع كما يقول إلى مزيد من الثقل السياسي والجيوساسي لإيران. أما على المستوى الدولي، فإن مستشار المرشد الإيراني يأمل بهذه الانتصارات أن يفهم الرئيس الأميركي الجديد رسالة تحرير حلب، ويعلم أن إيران تسعى «للأمن في المنطقة والمواجهة الجادة مع الإرهابيين»! يؤكد على ذلك العميد يد الله جواني بقوله إن أميركا أدركت أن «إيران هي القوة الأولى في المنطقة، وتتمتع بثقل أكبر مقارنة مع سائر دول هذه المنطقة». استرجع مع القارئ الكريم مع نهاية هذا المقال التصريحين التاليين، وهما: «ويدعو الدّبلوماسيّة الإيرانيّة بأن ترتقي إلى مستوى الإنجاز الميداني»، و«أن أميركا أدركت أن إيران هي القوة الأولى في المنطقة، وتتمتع بثقل أكبر مقارنة مع سائر دول هذه المنطقة» وربطهما بتصريح وزير الدفاع الإيراني بقوله إن إيران ترفض مشاركة السعودية في حل الأزمة السورية، وكيف هو المنظور الإيراني للمنطقة بعد حلب في ظل تصريح مثل تصريح مستشار المرشد بقوله إن هذه الانتصارات ستكون ممهدة لانتصارات لاحقة في الموصل وفي اليمن أيضاً.