كان ?مقالي ?لعدد ?اليوم ?عن ?الأبعاد ?الإستراتيجية ?لسقوط ?حلب ?وما ?بعدها.. ولكن غيّرت الموضوع بعد ?تطورات ?التصويت ?وتمرير ?قرار ?مجلس ?الأمن ?2334 ?التاريخي ?الذي ?تبنته ?ماليزيا ?والسنغال ?ونيوزيلندا ?وفنزويلا -بعدما ?قدمت ?مصر ?مشروع ?قرار ?يُدين ?ويطالب ?بوقف ?الاستيطان ?الإسرائيلي- قبل ?أن ?تسحب ?القرار ?لمزيد ?من ?الدراسة ?ولإعطاء ?فرصة ?للإدارة ?الأميركية ?المقبلة ?لتقديم ?تصور ?شامل ?لعملية ?السلام. ?واللافت ?أن ?القرار ?صدر ?بأغلبية ?ساحقة (?14-0)? ولم ?تستخدم ?الولايات ?المتحدة ?الأميركية ?الفيتو -بل ?امتنعت ?عن ?التصويت- على الرغم ?من ?مطالبة ?ترامب ?وقيادة من «الجمهوريين» ?و«الديمقراطيين» ?في ?الكونجرس ?باستخدام ?الفيتو، وأكدت ?المندوبة ?الأميركية ?الدائمة ?سامنثا ?باور «?أن ?موقف ?الإدارة ?الأميركية ?يعكس ?الحقائق ?على ?الأرض ?وموقف ?الإدارات ?الحزبية المتعاقبة ?تجاه ?المستوطنات. وأن ?موقف ?الولايات ?المتحدة منذ ن?حو ?خمسة ?عقود ?هو أن ?المستوطنات ?يجب ?أن ?تتوقف. ولا ?يمكن ?للمرء ?أن ?يدافع ?عن ?توسيع ?المستوطنات ?الإسرائيلية ?وفي ?الوقت نفسه ?يدافع ?عن ?حل ?الدولتين.. وإن ?استمرار ?البناء ?الاستيطاني (يقوض ?أمن ?إسرائيل ?بشكل ?خطير)». وكان لافتاً دويّ التصفيق في قاعة مجلس الأمن مساء يوم 23 ديسمبر من المندوبين الدائمين والحضور، بعد تمرير القرار التاريخي. ما يجعل إسرائيل معزولة تماماً بعدما تعرت وثبت فشل رهانها بأن ترامب سينقذها من الورطة والإدانة. وكان تصرفاً غير لائق اتصال نتنياهو بترامب ليمارس ضغوطاً على إدارة أوباما لاستخدام «الفيتو»، لأن أوباما هو الرئيس الأميركي اليوم، وليس ترامب، وهذا ما دفع ترامب ليغرد مطالباً باستخدام«الفيتو»، وبعد صدور القرار التاريخي غرّد متوعداً أن الأوضاع ستتغير في الأمم المتحدة بعد 20 يناير المقبل. كان قرار مجلس الأمن 2234 تاريخياً وشكل انتصاراً ولو رمزياً للشعب الفلسطيني بعدما خذل المجتمع الدولي -خصوصاً أميركا- الشعب الفلسطيني، التي استخدمت «الفيتو» نحو 50 مرة لحماية وتوفير الغطاء لتجاوزات واحتلال إسرائيل. يشكل قرار مجلس الأمن الذي أصبح جزءاً من واقع الصراع العربي-الإسرائيلي إدانة حقيقية لسياسات إسرائيل، ويؤكد في مواده الثلاثة عشرة عدم شرعية بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ 4 يونيو 1967، وأن ذلك يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويشكل عقبة رئيسية لحل الدولتين والسلام الشامل، وأي تغييرات على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967 غير معترف بها خارج إطار المفاوضات بين الطرفين. ويطالب القرار إسرائيلَ بالوقف الفوري لجميع أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويطلب القرار من الدول في تعاملها التفريق قانونياً بين أراضي إسرائيل والأراضي المحتلة بعد عام 1967 بما فيها القدس والمستوطنات غير الشرعية في القدس والضفة الغربية، التي يسكنها نحو 630 ألف مستوطن بصورة غير شرعية. ما يُعد ضربة استباقية ورسالة واضحة لإدارة ترامب المقبلة، بعدم الاعتراف بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس كما تعهد في حملته الانتخابية. وكذلك في مخالفة لمواقف مرشحي الرئاسة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول حل الدولتين. كما يطالب القرار الأممي باتخاذ إجراءات لمنع العنف ضد المدنيين بما فيه العمليات الإرهابية والتدمير المستفزّ، وضبط النفس وتجنب الخطوات المستفزة. والالتزام وتطبيق قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقرارات ذات الصلة والاتفاقيات والالتزامات السابقة. تبقى ?قيمة ?وأهمية ?قرار ?مجلس ?الأمن ?2334 ?بغض ?النظر ?عن ?كونه ?ملزماً ?من ?عدمه ?لأنه ?تحت ?الفصل ?السادس ?ولا ?يفرض ?عقوبات ?على ?إسرائيل ?إذا ?لم ?تلتزم ?بقرار ?مجلس ?الأمن، أنه ?يشكل ?إدانة ?صريحة ?وعلنية ?وموثقة ?وباتت ?جزءاً ?من ?تراث ?وأرشيف ?احتلال ?وخرق ?إسرائيل ?لكل ?الأعراف ?الدولية ?بحق ?فلسطين ?والشعب ?الفلسطيني، ?حيث ?ضربت ?إسرائيل ?عرض ?الحائط ?بقرارات ?مجلس ?الأمن ?منذ ?احتلال ?فلسطين. ?ويعلق ?الجرس ?ويدين ?إسرائيل ?وسياستها ?الاستيطانية ?بإجماع ?دول ?العالم ?بما ?فيها ?الولايات ?المتحدة ?الأميركية ?التي ?امتنعت ?عن ?استخدام ?حق ?«الفيتو» ?لأول ?مرة ?منذ ?عقود، ما ?يضع ?إسرائيل ?في ?مواجهة ?مباشرة ?ضد ?العالم. ?ويفقدها ?هالتها ويكشف ?نفاقها ?وكذب ?ادعائها ?بأنها ?دولة ?ديمقراطية، تحترم ?القانون ?الدولي ?وقرارات ?مجلس ?الأمن بوصف ?الأمم ?المتحدة ?سلوك ?وممارسات ?إسرائيل بأنه غير ?شرعي ?وغير ?قانوني. على الرغم من ادعاء الكثير على وسائط التواصل الاجتماعي أن هذا القرار رمزي، ولن يقدم ولن يغير، وأن إسرائيل لن تلتزم بوقف الاستيطان. لكني أكدت أن لا نقلل من أهمية وتداعيات القرار الأممي التاريخي. وحتى نتعرف على تأثير القرار على النظام السياسي في إسرائيل، علينا أن نرصد ردة فعل نتنياهو في وتعليقاته الغاضبة مع بعض وزرائه المصدومين. كان خطابهم أقرب إلى اللطم وكيل الاتهامات لأوباما وإدارته بالتواطؤ مع العصابة في مجلس الأمن التي صوتت ضد إسرائيل بعد تخلي إدارة أوباما عنها واستدعائه السفراء من الدول التي قدمت مشروع القرار، لكن من غير المقنع أن يلعب من يقوم باحتلال الأرض دور الضحية! ويعلم نتنياهو وحكومته أن القرار بعدم شرعية الاستيطان يسمح للفلسطينيين بمقاضاة إسرائيل كونها دولة تخرق القانون وقرارات مجلس الأمن أمام العالم وهذه أهم قيمة حققها قرار مجلس الأمن 2334 حتى لو لم تلتزم إسرائيل ببنوده كما يُتوقع. أتت ردود الفعل متوقعة، حيث وجدنا غضباً إسرائيلياً على الصفعة، وحالة من الارتياح والشعور بالانتصار وإحقاق الحق لدى الفلسطينيين بإدانة سياسات نتنياهو العنصرية، وأن حل الدولتين لا يزال مطلباً للفلسطينيين، وبإجماع دولي، وأن العرب والمجتمع الدولي الذي رحَّب بالقرار لن يتخلى عنهم! وتعرّت إسرائيل التي تلعب دور الضحية التي وُضعت تحت المجهر وباتت تشعر بالعزلة داخل قاعة مجلس الأمن وخارجه!