يوم الاثنين الماضي، اغتيل «اندرية كارلوف» السفير الروسي لدى تركيا، أثناء زيارته لمعرض فني في العاصمة التركية أنقرا، وذلك بعد إطلاق الرصاص عليه من قبل ضابط شرطة تركي يدعى «مولود ميرت الطنطاش». ووفقاً للتقارير، فقد صاح القاتل قبل إطلاق النار على السفير الروسي: «سنجعلكم تدفعون ثمن ما فعلتموه في حلب». ليس من الواضح الآن، كيف سيكون رد فعل روسيا على حادث قتل سفيرها، لكننا إذا ما أخذنا في اعتبارنا، العلاقات التي توترت بين أنقرا وموسكو العام الماضي، وقروناً من المنافسة والعداوة التاريخية بين الدولتين، والتصادم في سياساتهما الخارجية، بشأن الحرب الأهلية في سوريا، فسنجد أن هناك احتمالات لتبلور عدة سيناريوهات تصعيدية يمكن إجمالها فيما يلي: 1 -قيام الهاكر الروس باستهداف تركيا. ومعلوم أن روسيا لديها ميل قوي لإثارة متاعب سياسية للدول الأخرى التي تناصبها العداء، من خلال شن هجمات قرصنة إلكترونية عليها. والحقيقة أن السلطات التركية قد تعرضت بالفعل لهجمات من قبل. ففي السابع من ديسمبر الماضي، نشرت ويكيليكس 75000 رسالة بريد إليكتروني مرسلة من قبل «براءات البيراق»، وزير الطاقة والموارد الطبيعية في تركيا، وزوج ابنه الرئيس التركي رجب طيب أرودغان. وإذا ما أخذنا في اعتبارنا القرائن الدالة على وجود تعاون بين روسيا و«ويكيليكس»، فإن جهات القرصنة الروسية البديلة يمكنها استهداف تركيا، وكشف مزيد من الأسرار المسيئة، خصوصاً عن المجموعة القريبة من الرئيس أردوغان. 2 -إمكانية انهيار العلاقات الهشة القائمة بين روسيا وتركيا، مما يؤدي إلى تجديد الضغط الاقتصادي على تركيا. وهذا ما حدث بعد نوفمبر 2015، عندما أسقطت طائرات إف 16 التركية، قاذفة قنابل روسية على حدود سوريا. وكرد فعل على ذلك فرضت روسيا حظراً على استيراد العديد من أصناف البضائع التركية، مما جعل صادرات تركيا لروسيا تهبط بمقدار 737 مليون دولار. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث جمدت روسيا عملية مد خط أنابيب الغاز «Stream» الذي كان الغرض من إنشائه هو أن يكون جزءاً من «الشراكة الاستراتيجية» بين الدولتين. ولم يتحسن الوضع الاقتصادي في تركيا جراء العقوبات الروسية إلا بعد أن اعتذر أردوغان لروسيا رسمياً عن حادث إسقاط الطائرة، في يونيو الماضي. 3 -استغلال حادث الاغتيال كذريعة لشن مزيد من حملات قمع الديمقراطية في روسيا وتركيا معاً. ويشار هنا إلى إن أردوغان اعتقل الآلاف بعد الانقلاب الفاشل ضد حكومته، في يوليو الماضي. كما أن بوتين جاء إلى الحكم لأسباب عدة، من أهمها قيامه بحملة قمع عنيف ضد التمرد في الشيشان. ومهما كانت هناك أسباب أخرى تدعم احتمال استغلال الحادث كذريعة للمزيد من القمع، فالشيء المؤكد هو أن الاغتيال لا يبشر بخير للمجتمع المدني سواء في تركيا أو في روسيا. 4 - انهيار وقف إطلاق النار في حلب. من المعروف أن روسيا وتركيا تقفان على طرفي نقيض بشأن الحرب الأهلية السورية، وإن كانت الدولتان قد ساعدتا في التوصل إلى وقف إطلاق النار الأخير الذي سمح للمتمردين والمدنيين بمغادرة حلب. وحادث اغتيال السفير الروسي قد يتسبب في انهيار وقف إطلاق النار مجدداً، كما يمكن أن يؤدي لتجدد القتال في أماكن أخرى من سوريا، خصوصاً إذا ما علمنا أن هناك قوات روسية عاملة في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، أي في أماكن قريبة من المناطق التي قامت فيها تركيا بهجمات عبر الحدود ضد تنظيم «داعش». 5 -لجوء روسيا لاستخدام الورقة الكردية. من المعروف أن تركيا عضو في حلف «الناتو»، ما يجعل من قيام روسيا بشن حرب شاملة ضد تركيا احتمالاً مستبعداً لحد كبير. لكن روسيا يمكنها استغلال علاقاتها التاريخية مع الأكراد الساخطين في تركيا، بما في ذلك إمكانية تقديمها الدعم لمسلحيهم في حربهم ضد الدولة التركية. روبي جرامر المدير المساعد لمبادرة عبر الأطلسي في مركز «برينت سكوكروفت» للأمن الدولي إميلي تامكين مساعدة رئيس تحرير مجلة «نيو أميركا»، متخصصة في الشؤون الروسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»