يعتزم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب قيادة الغرب في ثالث أسوأ حملة من حملاته التي دامت 15 عاماً للقضاء على مخاطر التطرف الإسلامي. وتمثلت الأولى في ما يسمى «مبادرة الحرية» التي أطلقها جورج بوش الابن والتي تفترض أن القضاء على الأنظمة السلطوية المتعفنة في الشرق الأوسط سوف يقضي على محاولات الإرهابيين لتجنيد المزيد من الأتباع. وكانت الثانية بقيادة أوباما الذي راهن على أن الحوار النزيه والاهتمام بمطالب المسلمين العادلة خصوصاً الفلسطينيين، سيجعل الغرب هدفاً أقل أهمية بالنسبة إلى الإرهابيين. وكان فشل الحملتين السابقتين مُتوقعاً قبل إطلاقهما. والآن، سوف يؤيد الرئيس الجديد المقاربة التي سبق للرئيسين بوش الابن وأوباما أن اعتبراها خاطئة من وجهة النظر الأخلاقية، فضلاً عن أنها غير مجدية من الناحية العملية ويمكن أن تشكل تهديداً للحضارة الإنسانية برمتها. وتندرج الخطوط العريضة لهذه الحملة في الخطاب المُعلن لكبار المسؤولين الجدد الذين فازوا بثقة ترامب من أمثال «ستيفن بانون» و«مايكل فلين» و«جيف سيشنز»، وآخرين. وهم الذين تحدثوا بلا خجل عن «الحرب العالمية ضد الحركة التعبوية الشاملة للشعوب المتهورة» وفقاً لما كتبه «فلين» في أحد مقالاته مؤخراً، وهو الذي ينتظر الالتحاق بمنصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض. ويُعرف عن بوش الابن وأوباما حرصهما الشديد على التفريق بين إرهاب «القاعدة» وتنظيم «داعش» من جهة، وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف من جهة ثانية. ولم يفوّتا الفرص لوصفه بأنه دين عظيم يستحق كل الاحترام والتبجيل. من المؤكد أن فريق ترامب سيواصل الحرب الضارية ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا وليبيا. ورغم التقدم البطيء الذي تم إحرازه في تلك الحرب، فإنه من غير المحتمل أن يغيّر «فلين» ووزير الدفاع المقبل في إدارة ترامب «جيمس ماتيس» مقاربة أوباما المتعلقة بدعم القوى المحلية بدلاً من إرسال عدد كبير من الجنود الأميركيين. وستبحث الإدارة الجديدة عن أساليب استعراضية بحتة لتحدي إيران، ولكن من المستبعد أن تفعل ذلك في المكان الأكثر حساسية وهو سوريا. وعلى أن الصراع الذي قد يقوده ترامب لن تقتصر نتائجه على الميليشيات الإرهابية الشيعية أو السُّنّية فحسب، بل وأيضاً على المواطن العادي في العالم الإسلامي كله، وسيلمسه الجميع من خلال «التدقيق المتناهي» لدخول أي مسلم إلى الولايات المتحدة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»