ما أعلنته وزارة التغيُّر المناخي والبيئة، مؤخراً، بشأن إطلاق «المجلس البيئي الاقتصادي»، يمثل تطوراً على درجة كبيرة من الأهمية في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة التنموية الشاملة، إذ إن هذه الخطوة تمثل معلَماً ذا أهمية، خصوصاً في جانبين مهمَّين، أولهما الشراكة المثمرة بين القطاعين الحكومي والخاص، هذه الشراكة التي تؤمن الدولة بأنه من دونها لا يستقيم أيُّ عمل تنموي في النظم الاقتصادية الحديثة. وثانيهما الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للبيئة وقضاياها، باعتبار أن الاهتمام بها هو أحد متطلَّبات استدامة التنمية وشروطها في أيِّ دولة، وبالأحرى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تراعي البيئة، وتوليها اهتماماً خاصاً منذ نشأة اتحادها حتى يومنا هذا. إن إطلاق «المجلس البيئي الاقتصادي» يأتي بهدف تفعيل دور القطاع الخاص في المساهمات الاجتماعية، وزيادة مساهماته في التوجُّهات البيئية وفق الاستراتيجيات الحكومية، إضافة إلى إيجاد فرص استثمارية جديدة بين وزارة التغيُّر المناخي والبيئة من ناحية، ومؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى. ويمثل حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على دمج جهود مؤسسات القطاع الخاص في القضايا ذات البعد التنموي، وتشجيعها على تحمُّل مسؤولياتها المجتمعية ومسؤولياتها وأدوارها الحيوية تجاه البيئة، إحدى الأدوات والآليات التي تتسلَّح بها الدولة في مسيرتها نحو المستقبل، وذلك في ظل الأهمية الكبيرة، والمتعاظمة أيضاً، التي تحتلها مؤسسات القطاع الخاص بصفتها شريكاً فاعلاً في عملية التنمية، وبالتالي فإن توعية هذه المؤسسات بدورها في هذه الجوانب، وتشجيعها على تحمُّل مسؤولياتها، هما قضيتان لم يَعُد ممكناً الاستغناء عنهما. وقد جاء إطلاق «المجلس البيئي الاقتصادي» خلال «الملتقى الاقتصادي البيئي الثاني»، الذي نظَّمته وزارة التغير المناخي والبيئة، أول من أمس، بحضور نخبة من رجال الأعمال وممثلين عن الشركات الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخلال ذلك الملتقى أكَّد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغيُّر المناخي والبيئة، ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق النتائج الاستراتيجية المرجوَّة من «الخطة الوطنية للتغيُّر المناخي 2017-2050»، و«أجندة التنمية الخضراء 2015-2030»، وتحديد الأولويات، وتقديم المقترحات، لتحسين سبل مواءمة الجهود الوطنية والمحلية والقطاعية في المستقبل. وهذا الأمر يشير إلى أن الإمارات لديها رؤية واعية وعين ثاقبة في نظرتها إلى الأمام، والسمة الأساسية في هذه الرؤية هي أن الاهتمام بالبيئة ورعايتها متطلَّبان لا غنى عنهما في المستقبل. ويُعَدُّ إطلاق «المجلس البيئي الاقتصادي» إحدى المحطات الحيوية التي تسجلها دولة الإمارات العربية المتحدة في سجلِّها الزاخر بالإنجازات التنموية، لا سيما أن المجلس يمثل قناة ومنصة لتنسيق الجهود بين الحكومة من ناحية ومؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى، وهو ما يساعد على تحفيز القطاع الخاص على استشراف الاحتياجات والمتطلبات الوطنية لتحقيق الخطط البيئية والتنموية الشاملة، إلى جانب تعزيز المقترحات ومبادرات التطوير في مجال البيئة، وتبادلها، لمواكبة التطورات العالمية في قضايا البيئة بشكل خاص، وفي مجال الشراكة بين القطاعَين الحكومي والخاص بشكل عام. إن تشجيع مؤسسات القطاع الخاص على تبنِّي برامج المساهمة المجتمعية من ناحية، وتعزيز وتحسين مجال الخدمات التي تقدمها الوزارة إلى مؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى، من خلال إطلاق «المجلس البيئي الاقتصادي»، هي من دون شك إنجاز كبير في إطار تطوير العمل المؤسسي، والنهوض بشكل مستمر بالعلاقات التعاونية والتنسيقية بين الجانبين، ما يصبُّ في نهاية المطاف في اتجاه المزيد من التنمية والتطوير على أرض هذا الوطن. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية