تتأثر خصوبة الرجل بعدة عوامل منها على سبيل المثال: نمط أو أسلوب الحياة، والبيئة المحيطة، وربما حتى العوامل النفسية. ويعتبر أيضاً العمر أو السن، من العوامل التي ترجح الدراسات أنها قد تكون ذات تأثير ملحوظ على خصوبة الرجل، على صعيد حجم السائل المنوي، وحيوية الحيوانات المنوية، وصحتها وسلامتها. ففي بعض هذه الدراسات، ظهر انخفاض في معدلات الحمل بنسبة تتراوح ما بين 23 إلى 28 في المئة، بين من هم فوق سن الخمسين من الرجال مقارنة بمن هم دون الثلاثين من العمر. وهو ما قد يشير إلى انخفاض في عدد الحيوانات المنوية مع التقدم في العمر، بشكل يجعل عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال بين العقدين الخامس والثامن، أقل بنسبة 25 في المئة عن عددها لدى الرجال بين العقدين الثاني والخامس، وهو ما يتوافق أيضا مع اختلافات ملحوظة بين المجموعتين في القنوات المنوية داخل الخصيتين، والتي تحتوي على الحيوانات المنوية مكتملة النمو قبل خروجها. ومؤخراً، تزايد الإدراك بأهمية العلاقة بين النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية وبين عدد وحيوية الحيوانات المنوية، وخصوبة الرجل بوجه عام، وإن كانت أبعاد هذه العلاقة وبعض جوانبها لا زالت ليست واضحة بشكل تام، ولا زالت محاطة بعدد من الأسئلة والاستفسارات. وفي محاولة لفهم هذه الجوانب، والإجابة على تلك الأسئلة، أجرى العلماء مؤخرا دراسة على 260 رجلا أصحاء لا يعانون من أية مشاكل في الخصوبة، كما أن الحيوانات المنوية لديهم على صعيد العدد والحيوية كانت طبيعية تماما، إلا أنهم كانوا جميعا يعيشون أسلوب حياة كسولا لحد كبير، ولا تشكل التمارين الرياضية أو النشاطات البدنية جزءا يذكر منه. وبعد تقسيم هؤلاء الرجال إلى أربع مجموعات، المجموعة الأولى لم يتم إدخال أية تعديلات أو إضافات على أسلوب أو نمط حياتها، بينما تم إلحاق المجموعات الثلاث الأخرى ببرامج تمارين رياضية أسبوعية، مختلفة الفترة، والشدة، والتكرار. وبعد مرور 24 أسبوعاً على بدء الدراسة، اكتشف العلماء أن المجموعات الثلاث التي انضمت إلى برامج التدريب، تحسنت مقاييس الخصوبة لديها، على صعيد عدد وحيوية الحيوانات المنوية، وكانت برامج التمارين المتوسطة الفترة والشدة هي الأوقع تأثيرا على رفع معدلات الخصوبة. ويُعزى جزء من هذا التأثير إلى فقدان أفراد المجموعات الثلاث التي اندرجت في برامج التمارين لبعض الوزن، وخصوصاً دهون الجسم. والمعروف والثابت أن السمنة تؤثر سلبا على الخصوبة في الرجال والنساء، وهو ربما ما يكون بسبب أن الأنسجة الدهنية تعتبر نشطة بيولوجياً، أي أنها تفرز هرمونات تؤثر على عدد من العمليات الحيوية داخل الجسم، بما في ذلك عدد وحيوية الحيوانات المنوية. ولكن في الوقت الذي تظهر فيه هذه الدراسة، أن ممارسة النشاط البدني والتمارين الرياضية يشكل استراتيجية فعالة وغير مكلفة، لتحسين حيوية وعدد الحيوانات المنوية في الرجال الذين يحيون حياة نمطها الكسل، إلا أنه ليس من الواضح أو المؤكد أن مثل هذا التحسين يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مماثل في الخصوبة، أي في قدرة هذه الحيوانات المنوية على تخصيب البويضات، وهو السؤال الذي سيسعى العلماء للإجابة عليه من خلال المزيد من الدراسات. وجدير بالذكر هنا، أن المزيد من التمارين الرياضية لا يتناسب في علاقة طردية مع خصوبة الرجال، بمعنى أن الإفراط في ممارسة الرياضات، وخصوصا العنيفة أو شديدة التنافسية مثل ركوب الدراجات، قد يؤدي إلى نتيجة عكسية على خصوبة الرجل. ولذا يعتقد العلماء أن النشاط البدني وممارسة الرياضة، يؤثران إيجابا على الخصوبة إلى نقطة معينة، ولكن بعد هذه النقطة قد تؤدي الرياضة إلى تأثير سلبي على الخصوبة. وهو ما يتحتم ممارسة الرياضة بقدر معتدل، بشكل يسمح بجني فوائدها، ودون إفراط في الشدة أو في طول الفترة، حتى لا تؤدي إلى نتيجة عكسية. وبوجه عام، وبخلاف ممارسة النشاط البدني باعتدال، يمكن اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير البسيطة، التي من شأنها أن تحسن عدد وحيوية الحيوانات المنوية، مثل الامتناع عن التدخين، وعدم تعاطي الكحوليات أو المخدرات، وتجنب السمنة وزيادة الوزن، واختيار ملابس داخلية فضفاضة. وإن كان من الضروري الأخذ في الاعتبار، أن معدل الخصوبة بوجه عام، هو موضوع متعدد الجوانب، لا يقتصر فقط على عدد وحيوية الحيونات المنوية، حيث تتداخل فيه عوامل عدة من كلا الزوجين.