خرجت مجموعة كبيرة من المواطنين والمقيمين يتقدمهم بعض نواب مجلس الأمة في تظاهرة سلمية يوم الخميس أمام السفارة الروسية في الكويت لنصرة حلب، واستنكار وتنديد بالمجازر الوحشية التي يرتكبها الطيران الروسي والقوات الإيرانية، و«حزب الله»، وأنصاره على أرض حلب ضد أهل حلب من المدنيين العزل في شهباء الشام. نتعاطف وندعم كل التحركات السلمية في الوطن العربي والعالم التي تدعوا لوقف الحرب وإيجاد تسوية سلمية ترضي جميع الأطراف. الأمين العام للأمم المتحدة ومعه الدول العظمى في مجلس الأمن ناشدوا جميع الفرقاء بوقف الحرب وإنقاذ الناس الأبرياء في حلب، إلا أن واقع الحال يذكرنا بأن كل الدعوات السلمية والمطالبات الموجهة للدول العظمى لن تجدي نفعاً ما دامت روسيا، ومعها إيران وأتباعها من الميليشيات الطائفية، كلهم يصرون على مواصلة الحرب وتحقيق نصر عسكري يضمن استمرار بقاء بشار الأسد في سدة السلطة. والسؤال الآن هو: ما هي الخيارات المفتوحة أمام العرب لإنقاذ حلب وأهل الشام سوى المظاهرات السلمية ومطالبة مجلس الأمن الدولي بالتدخل لإنقاذ المواطنين الأبرياء في حلب؟ السؤال الثاني لماذا تتحدى روسيا، ومعها إيران، الإرادة الدولية؟ ثم لماذا ترفض روسيا الحلول السلمية وتصر على الحل العسكري؟ العرب اليوم في أسوأ حالاتهم، فهم لا يملكون قوة حقيقة، ولا قوة ضغط قوية لديهم ضد روسيا وإيران، خصوصاً وأن حليفهم الرئيس، وهو الولايات المتحدة الأميركية، بدأ يتراجع عن سياساته السابقة في المنطقة وبدأ الانسحاب من المنطقة وتحديداً العراق عام 2013، كما انسحب من أفغانستان بعد عدم تحقيق أي انتصارات ذات بال هناك، وبدأ التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي. موسكو حققت إنجازاً بتطوير علاقاتها مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربية الأخرى.. لكن مشكلة العرب اليوم هي أن الحليف الاستراتيجي قد تخلى عنهم، ويحاول اتخاذ سياسة جديدة، خصوصاً عبد اكتشاف النفط الحجري والاستغناء عن النفط العربي. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة، رغم توجهها نحو آسيا والمحيط الهادئ، لن تتخلى عن منطقة نفوذها في المشرق العربي، لكنها أيضاً لن تأتي بقواتها للدفاع عن دول المنطقة. قد تتغير هذه السياسة بعد وصول الرئيس ترامب للبيت الأبيض في الشهر القادم. أما رؤية روسيا وإيران للمنطقة، وتحديداً سورية، فهي تنطلق من الحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية، فروسيا لديها شعور بأن الغرب خدعها بعد الإطاحة بالنظام الليبي وإنْهاء حُكم القذافي، حليف روسيا السابق. قرار موسكو الاستراتيجي هو منع سقوط سوريا بيد التحالف الغربي وحلفائه في تركيا ودول الخليج العربية. ويتطابق الموقف الإيراني مع الموقف الروسي من حيث اعتبار النظام السوري حليفاً في محاربة الغرب. إيران لن تسمح بسقوط الأسد أو إضعافه، خصوصاً وأن كل الدراسات والتقديرات الغربية ترى بأن سقوط كل من سوريا والعراق خسارة لمفهوم ولاية الفقيه في إيران. لذلك لا خيار أمام العرب إلا توحيد صفوفهم وتعزيز وحدتهم الوطنية.