أيُّ سعادة إذا صَحّ ادّعاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» أن تدخل موسكو أدّى إلى فوز «دونالد ترامب» بالرئاسة؟ ومن لا يسعد بوجود من يفعل أخيراً بأميركا ما تفعله بجميع دول العالم؟ وأول السعداء «ترامب» نفسه الذي يسعى إلى «الوناسة» في الحياة والعمل، وقد سارع إلى التذكير بأن مسؤولي المخابرات «هُم الأشخاص أنفسهم الذين اكتشفوا أسلحة صدام حسين للدمار الشامل»، ونَصَحَهم: «الانتخابات انتهت وعليكم الانصراف إلى عملكم». و«وناسة» الرئيس المنتخب «عدم ثقته ليس بتحليلات المخابرات الأميركية فقط، بل بحقائقها أيضاً»، خصوصاً تقاريرها عن الصين وروسيا والمنطقة العربية، حسب «نيويورك تايمز». وسنة «الوناسة» في أوروبا «ملتهبة وغامضة» في تقدير «فرانسو هيزبرغ»، وزير الدفاع الفرنسي السابق ورئيس «المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية». وما أجمل أوروبا ملتهبةً وغامضةً، حتى بريطانيا، وأنا أكتب منها، ألهبتها مفاجأة تصويتها على مغادرة «الاتحاد الأوروبي». وعندما تلتهب بريطانيا تجَنُّ أوروبا، وبالتوالي، فرنسا اندفعت لتغيير نتائج انتخابات الرئاسة قبل انعقادها العام المقبل، وإيطاليا غيّرتها فعلاً بتصويتٍ ضد تعديلات الدستور أطاح برئيس وزرائها «رينزي». والتغيير في هولندا كمزادها المعكوس، يبدأ بأقصى اليمين، ثم يهبط تدريجياً. و«إنه الاقتصاد يا غبي» حسب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وهذه «وناسة» تحليلات نظريات «الشعبوية» للأحداث، فالعام الحالي استُهل بتقرير منظمة «أوكسفام» عن «الدراسة السنوية للامساواة»، وفيه أن 62 شخصاً يملكون ما يعادل ملكية 3 مليارات و500 مليون إنسان. وصبَّ معظم الاقتصاد العالمي البالغ 78 تريليون دولار في مصارف وملاذات غير خاضعة للضرائب، تملكها الشريحة العليا من أغنياء العالم. وعُذرُ مُنَظري «الشعبوية» أن «علوم الاقتصاد ليست كالكيمياء والفيزياء، حيث تصبح الاكتشافات الجديدة ثابتة، بل رهن نقاشات لا تنتهي في مجتمعات تستعر بالاضطرابات، كلما بدا الطريق إلى الأمام معتماً». (كتاب «عصر الركود الاقتصادي» للمصرفي الأسترالي «داس ساتياجست»). و«الثروات تزداد والأعمال تتكاثر لكن ليس للجميع»، خلاصة تقارير مسهبة من بلدان غربية عدة تفسر سبب انتفاضة عامة الناس على سياسات العولمة وحرية التجارة. فثمار السياسات الاقتصادية القائمة على تشجيع التجارة حَصَدها حاملو الشهادات الجامعية العليا، والعاملون في أسواق الأسهم والمختصون بالحسابات، فيما نصيب الشغيلة البطالة والحرمان الاقتصادي. ويتحمّلُ مسؤوليةَ الفشل صانعو القرارات السياسية، الذين آمنوا بأن الأسواق تحقق الرفاه العام، ولم يضعوا خطط مواجهة الأضرار المترتبة على التجارة. وعندما فقد ملايين العمال دخلهم، بسبب المنافسة الخارجية، لم تقدم لهم حكوماتهم دعماً يخفف الضربة التي أصابتهم، وكانت النتيجة غلياناً عاماً يقلب السياسات في الغرب. و«الوناسة» في العراق حسب المثل «الناس بالناس والقرعة تمّشط بالراس». رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أقام أخيراً دعوى قضائية ضد الكاتب «علي حسين» رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المدى»، وسبق وأقام دعوى ضده عام 2011 وتبعته دعاوى أخرى مع أمر بإلقاء القبض عليه، وعلى زميله «سرمد الطائي»، وعلى «فخري كريم» رئيس مجلس إدارة «المدى». وكلّف المالكي «وليد الحلي»، القيادي في «حزب الدعوة»، بإقامة دعوى، وأعقبه «نوفل أبو رغيف»، القيادي في «المجلس الإسلامي الأعلى». وكان أسامة النجيفي أول من أقام دعوى ضد «علي حسين» عام 2009 أعقبه طارق الهاشمي، ثم الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الفريق الركن قاسم عطا، والذي طالب بتعويض 8 مليارات دينار، ودعوى أقامتها عالية نصيف، النائبة في البرلمان. وفي سنة «الوناسة» في السياسة العراقية أدعو كعامة الناس من كل قلبي «بْجاه علي والحسين ينّجي الله علي حسين»، فعدد قتلى الإعلاميين العراقيين عام 2016 بلغ حتى اللحظة ثمانية، حسب «اليونسكو»!