من بين أهداف الحزب «الجمهوري»، حسبما هو منصوص في وثيقة البرنامج التي تم إعدادها لمؤتمر الحزب في 2016، أن تكون «التجارة الدولية أساساً جوهرياً لقطاعات الاقتصاد الأميركي كافة». وتقول الوثيقة: «نتصور اتفاقية عالمية متعددة الأطراف بين الدول الملتزمة بمبادئ السوق المفتوحة، فيما يعرف بـ(منطقة ريجان الاقتصادية)، والتي تكون فيها التجارة الحرة تجارة عادلة بالفعل للأطراف المعنية كافة». وفي المؤتمر ذاته، رشّح «الجمهوريون» دونالد ترامب ليصبح مرشحهم الرئاسي، وفي نوفمبر، فاز بالسباق. وفي ديسمبر الجاري، عندما سأله «كريس والاس» مذيع قناة «فوكس نيوز»، عن الاتصال بقادة قطاع الأعمال وإقناعهم بالعدول عن فكرة مغادرة البلاد، أجاب قائلاً: «لا ينبغي عليَّ أن أفعل ذلك بنفسي، فلديّ أشخاص عظماء، ومتـقدو الذكاء، ولكن من السهل جداً أن نفعل ذلك.. سيتعين علينا أن نفرض ضريبة كبرى على الشركات التي تغادر البلاد وتُصنّع منتجها في الخارج، وتتصور أنها ستعيد بيعه لنا عبر الحدود، وكأننا حفنة من الجهلاء»! فرد «والاس» متسائلاً: «ولكن ماذا عن السوق الحرة يا سيدي؟».. أجابه ترامب: «إن هذه ليست سوقاً حرة عندما يخرجون وينتقلون، ثم يعودون لبيع منتجاتهم في دولتنا». وكرّر الصحافي سؤاله: «لكن أليست هذه هي السوق الحرة؟»، ورد ترامب مرة أخرى: «كلا، هذه هي السوق الحمقاء، أليس كذلك؟.. إنني مؤيد كبير للتجارة الحرة، ولكن ينبغي أن تكون عادلة». و«الضريبة الكبرى»، التي يشير إليها ترامب هي اقتراحه فرض تعرفة جمركية بنسبة 35 في المئة على المنتجات التي تصنع في الخارج، بعد أن كانت تُصنع في الولايات المتحدة، ويراد أن تُباع على الأراضي الأميركية. وربما أن الوصف الوارد في برنامج الحزب «الجمهوري» عام 1980 للتجارة الحرة، استناداً إلى مبادئ المعاملة بالمثل والعدالة والإنصاف يمكن النظر إليه على أنه داعم لرؤية ترامب التي أعرب عنها لـ«والاس». غير أن هذا وصف لتأثيرات نصوص تجارية غير متوازنة، مثل التعرفة الجمركية التي تُفرض على طرف من دون الآخر. والسبب الرئيس وراء تصنيع المنتجات في الخارج هو انخفاض تكلفة الأيدي العاملة، وحتى إذا كانت للمنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة قدرة متساوية على الوصول إلى الأسواق الأجنبية، فإنه لا تزال هناك ميزة قوية للمنتجات المصنوعة في أماكن أخرى تكون تكلفة الإنتاج فيها أقل. غير أن إنتاج الشركات للمنتجات وبيعها في أي مكان تريده، هو جوهر وروح «التجارة الحرة»، مثلما أشار «والاس». فيليب بامب: محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»