أطلق مسلح النار على مطعم «كوميت بنج بونج» للبيتزا، في واشنطن الشهر الجاري، مهدداً العملاء والعاملين، وبثّ الرعب في المنطقة بأسرها. وعلى مدار أشهر، اتهم مروجو نظريات المؤامرة عبر الإنترنت مالك «كوميت» وقيادات بارزة في الحزب «الديمقراطي» بإدارة شبكة إباحية تستغل الأطفال من خلال المطعم، زاعمين أنها تستخدم رموزاً شيطانية وأنفاقاً أرضية. وكل ما فعله «جيمس أليفانتيز» مالك «كوميت بنج بونج» ليكسب هذا العداء هو أنه وجّه رسالة إلى رئيس حملة هيلاري كلينتون، «جون بوديستا»، بشأن استضافة حفل جمع تبرعات. وهذا الهجوم على السياسة الليبرالية وعلى حزب معارض لم تنظمه «حكومة مستبدة»، ولا الحزب «الجمهوري» أو الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ولم تكن فكرة تدميرية من جهات نافذة، وإنما نبع هذا العنف السياسي من مجموعة ذاتية التنظيم من يمنيين متطرفين يؤمنون بنظريات المؤامرة، ويشعرون بالغضب، وينشرون الخوف، كرد فعل على أحاديث بشأن كلينتون في أخبار كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت. وهناك ملايين الأشخاص العاديين من المتحمسين الغاضبين الذين ينشرون الأكاذيب، ويزرعون الشك، ويؤججون العنف، وبفضل هؤلاء، لا يتعين على الخصوم السياسيين توجيه تهديدات مباشرة إلى المعارضة السياسية أو نشر حملات دعائية ضدها. وكل ما يتعين فعله على هؤلاء الخصوم هو إيجاد طريقة غير مباشرة لتحفيز المشاعر العدائية لأنصارهم، وجعل الأكاذيب مقبولة. وبالطبع، عندما يعاني البشر الغضب والخوف، لا يستطيعون تمالك أنفسهم، لا سيما في ظل التحول التاريخي الجذري بأن أصبح انتشار كم هائل من المعلومات، وليس نقص المعلومات، يشكل النوع السائد من الرقابة. ولا يستطيع الأشخاص المتحمسون بسهولة تقييم الحقائق مع استمرار الهمس بالأكاذيب والشكوك والآراء المتحيزة في آذانهم. ولم يعد لتعلم التاريخ وتقييم الحقائق وتحليل البيانات مكان في عالم المتحمسين المتعصبين، وهؤلاء أصبحوا مثل مدمنين الألعاب الإلكترونية، يجلسون في غرف مظلمة، ويختلقون أخباراً كاذبة، ثم ينشرونها على مواقعهم الإلكترونية، ثم يراقبون البيانات وينقحون أكاذيبهم، ليجنوا مزيداً من الأموال مع كل ضغطة زر! ماجي روث: محللة سياسية أميركية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»