استضافت العاصمة البحرينية المنامة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين القمة الخليجية رقم 37، وكانت قمة غير تقليدية في طرحها للتحديات الخليجية، وشاركت فيها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي كضيفة شرف، وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدات له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن قمة المنامة تمثل حجراً إضافياً في صرح البناء الخليجي وتعميقاً لمسيرة خليجية مشتركة في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ودول مجلس التعاون اليوم بقوّتها الاقتصادية وقواتها العسكرية وبنيتها التحتية وبيئتها الاستثمارية تمثل حاضنة للعرب وضمانة لاستقرار المنطقة. والسؤال: في ظل التحديات الإقليمية والدولية أي دور ينتظر أو يفترض أن يلعبه مجلس التعاون الخليجي؟ جاءت قمة البحرين في وقت ظهرت فيه محورية الدور الخليجي في العلاقات العربية والدولية، وبرز الدور الخليجي المباشر في مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية ليس على النطاق الخليجي فحسب بل على النطاق العربي ككل، فدول مجلس التعاون تتحمل المسؤولية المباشرة عن مواجهة التحديات الأمنية والمخاطر العسكرية في الخليج وفي المنطقة العربية أيضاً. ومع التطورات العربية منذ انحسار ما سمي «الربيع العربي» وتوابع زلزاله على النظام الإقليمي العربي برز مجلس التعاون ككتلة أكثر تماسكاً وانسجاماً فاستطاعت احتواء آثاره وتداعياته، وهي آثار كانت تمس وتهدد أمن واستقرار دول المجلس بأشكال مختلفة. ولعبت دول مجلس التعاون دوراً رئيسياً في التفاعلات العربية، وسعت لتشكيل محور عربي جديد يرتكز على الحقائق الجديدة، وفي ذات الوقت استمرت دول المجلس في الارتكاز على مجتمعات وحكومات مستقرة. واليوم تحتاج دول التعاون لصياغة معادلة أمنية جديدة تستند على الحقائق التي ترسخت في السنوات الماضية فلا عمق عربي ثابت تستطيع الاتكال عليه في تحالفاتها العربية، ولا تحالف دولي أميركي مستمر في ظل الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط وتراجع الدور الأميركي في المنطقة مما جعل دول مجلس التعاون في مواجهة بعض الأسئلة الكبرى، الاستقرار والأمن والتهديدات الخارجية والداخلية، وبالتالي فدول المجلس بحاجة لمقاربة جديدة تفرض عليها الارتكاز على تلك الحقائق وأخذ زمام المبادرة للعب الدور المفترض بمجلس استمر 37 عاماً وقد آن الأوان ليتصدر المشهد العربي. ولكن قبل ذلك فعلى دول مجلس التعاون سد الثغرات الداخلية في المجلس والقفز على الخلافات أو الاختلافات البينية بين دول المجلس حتى يستطيع أن يلعب دوره وبفعالية ويصبح قوة عسكرية ضامنة للأمن الخليجي والأمن العربي. تحتاج دول التعاون الخليجي للعمل على سد الثغرات وتعزيز العمل الخليجي الموحد تفادياً للثغرات التي قد تمنع المجلس من تطوير آليات عمله وتقوية بنيته في مواجهة التحديات الخارجية. لقد قطعت دول التعاون شوطاً طويلاً على الصعيد العمل الجماعي ولكن لا تزال المواقف الخارجية لبعض الدول الخليجية تعطي إيحاءات خاطئة بوجود اختلافات بينية تجاه القضايا الإقليمية والدولية أو وجود رغبة للتغريد خارج السرب الخليجي، مما يضع أكثر من سؤال حول جدوى العمل الخليجي المشترك إن لم ينعكس على سياسات دوله وخياراتها السياسية، وإن كان التفاوت والاختلاف مقبولاً في إطار التعاون. لا تزال فكرة الاتحاد الخليجي كصيغة تطويرية للعمل الخليجي المشترك مطروحة، ولا تزال المواقف الخليجية متفاوتة تجاه الفكرة، وقد عبر البيان الختامي للمجلس عن إرادة تعزيز العمل المشترك ب«توجيه المجلس الأعلى بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد»، كما «أشاد المجلس الأعلى بتوقيع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين، انطلاقاً من حرصهما على توطيد العلاقات الأخوية والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر»، فالمجلس التنسيقي الإماراتي السعودي يعبر عن عمق الترابط وتوحيد المواقف وهو يساعد دول المجلس في إطلاق أو تطوير تجارب مكملة للمجلس. -------------- * كاتبة إماراتية